أسرى الحرب بين الإنسانية والانتهاكات: مقارنة بين غزة وسجون الاحتلال
صالح الشرّاب العبادي
28-02-2025 09:22 AM
لطالما كان التعامل مع الأسرى خلال النزاعات المسلحة مرآة تعكس أخلاقيات الأطراف المتحاربة، ومدى التزامها بالمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية ، وفي هذا السياق، تبرز فوارق عميقة بين معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى الإسرائيليين في غزة، وبين الممارسات القمعية التي يتعرض لها المعتقلين الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، هذه المقارنة تكشف ليس فقط اختلافًا في السياسات، بل أيضًا في القيم والمبادئ التي تحكم كل طرف.
معاملة الأسرى الإسرائيليين في غزة: التزام بالإنسانية والمواثيق الدولية
رغم الظروف القاسية التي عاشتها وتعيشها غزة تحت الحصار والعدوان المستمر، ونقصًا حادًا في الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية، حرصت المقاومة الفلسطينية على معاملة الأسرى الإسرائيليين وفق معايير إنسانية واضحة ، لم تظهر على الأسرى أي آثار للتعذيب أو سوء المعاملة، بل ظهروا في حالات صحية جيدة، مما يعكس التزام المقاومة بتعاليم الإسلام التي تحرم تعذيب الأسرى أو إهانتهم أو حرمانهم من حقوقهم الأساسية.
وتجدر الإشارة إلى أن المواثيق الدولية، مثل اتفاقية جنيف الثالثة، تؤكد على ضرورة معاملة الأسرى بكرامة واحترام، وهو ما التزمت به المقاومة الفلسطينية رغم التحديات الكبيرة ، ففي خضم العدوان الإسرائيلي، كانت حماية الأسرى ونقلهم إلى أماكن آمنة تحديًا كبيرًا، إلا أن المقاومة تحملت هذه المسؤولية بجدية، مما يؤكد التزامها بالقيم الإنسانية.
وعلى النقيض من ذلك، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل عدد من الأسرى الاسرائيليين أثناء عمليات الاقتحام، في انتهاك صارخ لقوانين الحرب والمواثيق الدولية.
انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين: تعذيب ممنهج وقمع لا إنساني
في المقابل، يتعرض المعتقلين الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي لأبشع أنواع الانتهاكات، فقد وثّقت منظمات حقوقية دولية، بما في ذلك الصليب الأحمر والهيئات الأممية، حالات تعذيب جسدي ونفسي ممنهج، بالإضافة إلى الحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل الرعاية الصحية والزيارات العائلية.
وتظهر الصور التي التُقطت للمعتقلين ألأسرى الفلسطينيين بعد الإفراج عنهم مدى المعاناة التي عانوها، حيث بدت على أجسادهم آثار التعذيب والقمع والحرمان ، وظهر عليهم الإعياء والتعب الشديد ، ولا تقتصر الانتهاكات عليهم أنفسهم، بل تمتد إلى عائلاتهم، حيث يتم حرمانهم من الاحتفال بعودة أبنائهم، كما يُفرض على المفرج عنهم قيود مشددة وإجراءات تعسفية تهدف إلى تقويض فرحتهم بالحرية.
بين المبادئ والأفعال: الفارق العقائدي والأخلاقي والإنساني
يكشف الفارق الواضح بين معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى الإسرائيليين، وبين الممارسات الوحشية التي تنتهجها إسرائيل ضد المعتقلين الأسرى الفلسطينيين، عن اختلاف جوهري في العقيدة والقيم والمبادئ. فقد أكدت تعاليم الإسلام منذ أكثر من 1400 عام على حرمة تعذيب الأسرى أو إهانتهم او احتقارهم او حرمانهم من ابسط حقوقهم ، فقال رب العزة (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ، وقال النبي محمد ﷺ: “استوصوا بالأسرى خيرًا”، كما شددت الشريعة الإسلامية على ضرورة تقديم الطعام والشراب لهم، ومعاملتهم بالحسنى ، فكان تصرف المقاومة مع الأسرى الاسرائيليين منبثقة من العقيدة الاسلامية التي تؤكد على احترام الإنسان والتصرفات الاخلاقية العظيمة تجاه الإنسانية الكونية أياً كان اصلها او فصلها او عرقها او لونها او عقيدتها ..
أما إسرائيل، التي تدعي أنها “واحة الديمقراطية”، فتواصل انتهاك المواثيق الدولية والقيم الإنسانية والأخلاقية ، متجاهلة كل القوانين التي تحمي حقوق الأسرى ، فبينما تلتزم المقاومة بأخلاقيات الحرب، تمارس إسرائيل سياسة انتقامية ممنهجة ضد المعتقلين الأسرى الفلسطينيين، وهو ما يشكل جريمة إنسانية على مرأى ومسمع العالم ، تستدعي محاسبة دولية عاجلة ، وتحرك اقليمي عربي لحماية حقوق المعتقلين الفلسطينيين الذين يتعرضوا لابشع أنواع التعذيب والعنف والارهاب والقمع والحرمان .
احترام حقوق الأسرى واجب إنساني وقانوني
إن الفرق الكبير في معاملة الأسرى يعكس الفارق في المبادئ والقيم التي تحكم الطرفين ، فبينما تلتزم المقاومة الفلسطينية بتعاليم الإسلام والمواثيق الدولية في معاملة الأسرى، تواصل إسرائيل انتهاج سياسة العقاب الجماعي والتعذيب والتنكيل بالمعتقلين ألأسرى الفلسطينيين.
إن احترام حقوق الأسرى ليس ترفًا، بل هو واجب اخلاقي إنساني وقانوني يجب على الجميع الالتزام به، بغض النظر عن الظروف والاعتبارات السياسية ، ويتطلب هذا الواقع تدخلًا دوليًا عاجلًا لوضع حد لهذه الانتهاكات المستمرة، وضمان العدالة للضحايا، وحماية حقوق الإنسان في كل مكان.