تخبط أم ذكاء متقدم في تعامل أمريكا مع حماس؟
د.محمود عواد الدباس
06-03-2025 01:55 PM
1/5
خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، شهدنا ثلاثة مواقف متباينة في تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع حركة حماس. الموقف الأول هو رفض الخطة العربية المتعلقة بإعادة إعمار غزة، والأسباب أن غزة ليست صالحة للحياة. أما السبب الثاني فهو أنها لم تتناول ذكرًا لمصادرة أسلحة حركة حماس. ثم جاء الموقف الثاني وهو إعطاء تأكيد وشرعية في وجود مفاوضات مباشرة مع حركة حماس بما يخص استعادة الرهائن المحتجزين لديها من حملة الجنسية الأمريكية. ثم أخيرًا جاء الموقف الثالث وهو التهديد والوعيد بالقضاء على حركة حماس إذا لم يتم تسليم كافة الرهائن والمحتجزين. بالطبع، في كل موقف يبرز شخصية أمريكية من مستوى رسمي ما. في تأكيد وجود المفاوضات المباشرة برزت المتحدثة باسم البيت الأبيض. وفي رفض فكرة المفاوضات المباشرة مع حماس برز مساعد وزير الخارجية الأمريكي. وفي رفض الخطة العربية برز مسؤول آخر لا أذكر اسمه. وفي تهديد حماس برز ترامب مباشرة. السؤال هل هذا تخبط أم أنه ذكاء؟ بكل تأكيد هو ذكاء وليس تخبط. حيث يتم التلويح أو استخدام عدد من الخيارات وفق مسار متوازي وفي خيارات أخرى وفق مسار تدريجي تصاعدي. مع أهمية التأكيد هنا أن كل ذلك يتم من أجل تحقيق الهدف الأول وهو استعادة الرهائن.
2/5
كردة فعل منها على تعدد المواقف الأمريكية، فإن حركة حماس استخدمت مع الإدارة الأمريكية تعددًا مماثلًا في المواقف لكن بمرونة عالية وحدية أقل. في مقابل رفض الإدارة الأمريكية للخطة العربية لإعادة إعمار غزة جاء موقف حماس الذي رحب بالخطة العربية لكن مع رفض تسليم سلاحها. في مقابل التأكيد الأمريكي على وجود المفاوضات المباشرة مع حماس جاء تأكيد حركة حماس على وجود مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية. في مقابل التهديد الأمريكي بالقضاء على حماس إذا لم تسلم كافة المحتجزين وجثث المتوفين جاء موقف حماس بضرورة الدخول في المرحلة الثانية من اتفاقية وقف إطلاق النار مع إسرائيل عبر الوسطاء السياسيين من أجل إطلاق سراح كافة المحتجزين وتسليم جثث المتوفين منهم، إضافة إلى مقترح الانتقال من وقف مؤقت لإطلاق النار نحو هدنة طويلة مع ضمان استمرار دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
3/5
قناعتي أن المفاوضات المباشرة ما بين الطرفين هي الخيار الأفضل لهما، فهو من سيحقق نتيجة رابح-رابح. في تفصيل ذلك أقول: وحيث أن الهدف الأمريكي هو استعادة الرهائن من حملة الجنسية الأمريكية، فإن أسرع طريقة لتحقيق هذا الهدف هو المباحثات المباشرة الأمريكية مع حركة حماس. يعزز ذلك ما جاء على لسان المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض التي أكدت أن هنالك حرية للمبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن في الحديث مع أي طرف ما دام أنه يخدم المصلحة الأمريكية، حتى وإن كانت أمريكا تصنف حركة حماس أنها إرهابية منذ العام 1997 م. في الجهة المقابلة، فإن المفاوضات المباشرة تساهم في رفع مكانة حركة حماس، يساعد على ذلك أن حساسية حماس في التفاوض مع الأمريكان هي أقل من حساسيتها في التفاوض مع الإسرائيليين. في ذات السياق، وكنتيجة مؤكدة، فإن المباحثات المباشرة مع حماس ستفضي إلى تراجع أهمية الوسطاء السياسيين ما بين الطرفين حينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد التفاوض غير المباشر مع حماس، والذي كان يتم من خلال قطر ومصر.
4/5
على الصعيد العملي، يمكن القول إنه إذا نجحت الخطوة الأولى في التفاوض المباشر الأمريكي مع حماس، فإنها ستفتح المجال أمام خطوات أخرى. لكن السؤال هو: كيف ستنجح الخطوة الأولى؟ والجواب سهل جدا. سيتمكن الأمريكان من استرداد كافة الرهائن لدى حماس من حملة الجنسية الأمريكية. وفي المقابل، ستحصل حركة حماس على مكاسب معينة، أبرزها مكاسب تخص استمرار وقف إطلاق النار مع استمرار إدخال المساعدات إلى قطاع غزة. يعزز ذلك أن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تلجم إسرائيل عن القيام بخرق الاتفاق خلال المدة التي اتفقت عليها حماس مع الولايات المتحدة الأمريكية.
5/5
ختامًا، ثمة تسارع كبير في تغيير الحسابات والمواقف الأمريكية تجاه كافة دول العالم، باستثناء إسرائيل. في هذا التسارع الذي أذهل الكثيرين، فليس هنالك ثوابت ولا محظورات، حيث يُتخذ القرار بناءً على تحقيق مصالح أمريكا وإسرائيل معًا. من هنا يأتي السؤال الأول الذي لا توجد إجابة واضحة عليه: هل ستنجح المفاوضات الأمريكية المباشرة مع حماس؟ والسؤال الثاني: إذا كان جواب السؤال الأول نعم، هل ستتوقف المفاوضات بينهما عند هذه النقطة، أم أنها ستفتح المجال أمام مفاوضات أخرى تعالج قضايا أخرى، تضمن تحقيق النتيجة التالية: تحقيق مصلحة أمريكا وإسرائيل أولًا، ثم مصلحة حركة حماس بدرجة ما؟. مع التذكير أن كافة الإجابات على كل تلك الأسئلة فهي في انتظار قادم الأيام الأمريكية التي تحمل كل يوم شيئًا جديدا.