facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هيمنة الشركات وسقوط النظام القديم


سامي شريم
09-03-2025 08:22 AM

العالم يتحرك نحو فوضى منظمة تحت هيمنة اقتصادية وتقنية لا ترحم تتحول الشركات العابرة للقارات إلى مراكز نفوذ تتحكم في القرارات السيادية ترسم السياسات تصوغ القوانين تمحو الحدود لتصبح المصالح الاقتصادية هي البوصلة الوحيدة وسط هذا التحول تتآكل المؤسسات الدولية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية تفقد الأمم المتحدة تأثيرها تنهار منظمة التجارة العالمية تفقد الاتفاقيات الدولية قيمتها فلا تحمي الضعفاء ولا تقيد الأقوياء القانون لم يعد سيفا بل صار ظلا باهتا لمن يملك القوة الحقيقية.

لم تعد سيادة الدول مقدسة، بل أصبحت شعارا ترفعه الحكومات أمام شعوبها بينما السلطة الحقيقية لمن يملك المال يبتكر التكنولوجيا يتحكم في تدفقات الطاقة والبيانات تتحول حقوق الإنسان والمواثيق الدولية إلى حجج انتقائية توظفها القوى الكبرى متى شاءت تلقي بها متى انتفت الحاجة إليها انتهى زمن المبادئ وحل مكانه منطق المصالح القوانين لم تعد وسيلة لتنظيم المجتمع بل أداة لتسهيل الاستحواذ حماية الاحتكار تبرير الهيمنة لم تعد الدول تفرض القوانين بل أصبحت خاضعة لأنظمة قانونية خفية تحكمها التكتلات المالية الشركات الرقمية التي تصوغ عالما بلا قيود حيث الحكومات مجرد أدوات تنفيذية تعمل على تأمين بيئة مستقرة لاستثمارات لا تعرف الولاء إلا للربح.

تنهار الاتفاقيات التي قيل إنها تضمن السلم الدولي تنتهي معاهدات الحماية التجارية تتفكك التحالفات التقليدية لتنشأ تكتلات اقتصادية لا تقوم على الروابط السياسية أو التاريخية بل على المصالح الآنية والعوائد المباشرة يصبح العالم ساحة مفتوحة لمن يملك النفوذ الاقتصادي لا لمن يرفع الشعارات فلا اعتبار للعدالة ولا لميزان القوى التقليدي بل لمن يستطيع فرض إرادته دون الحاجة إلى جيوش يكفيه المال السيطرة على مصادر الطاقة الاستحواذ على التكنولوجيا.

لكن هذه الفوضى لن تدوم دون مقاومة فالدول التي ترى في هذا النظام تهديدا لمصالحها ستبحث عن بدائل الصين تسعى لتكون القطب الموازي الاتحاد الأوروبي يواجه خطر التفكك روسيا ترفض أن تكون تابعا قد نشهد ولادة مؤسسات جديدة تحاول فرض قواعد مختلفة قد تنشأ تحالفات أكثر صلابة قد تعود الدول إلى حماية صناعاتها قد يصبح الانغلاق الاقتصادي خيارا منطقيا بعد عقود من العولمة المطلقة.

لكن قبل ظهور هذه البدائل سيعيش العالم لحظة اضطراب غير مسبوقة حيث تتخبط الدول بين الرضوخ للنظام الجديد ومحاولة مقاومته الأسواق ستشهد هزات غير متوقعة الشعوب ستجد نفسها أمام واقع لا تحكمه الحكومات بل تتحكم به الشركات لن يعود المواطن فردا في دولة بل مستهلكا في سوق عالمي لا يعترف إلا بالقوة الشرائية لا يحترم إلا من يستطيع دفع الثمن.

هذه المرحلة الانتقالية قد تطول أو تقصر لكنها حتمية فالنظام القديم انتهى المستقبل لم يولد بعد العالم يقف على حافة عصر جديد حيث لا قوانين ثابتة لا مؤسسات مستقرة السلطة لم تعد بيد السياسيين بل في يد من يملك المعرفة القوة المالية من يفهم قواعد اللعبة الجديدة في هذه المرحلة لا مكان للضعفاء ولا رحمة لمن يتخلف عن الركب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :