اليوم العالمي للمرأة .. بين التكريم الزائف وإهانة الغرب
صالح الشرّاب العبادي
09-03-2025 08:36 AM
في الثامن من مارس من كل عام، يحتفي العالم بـاليوم العالمي للمرأة، رافعًا شعارات المساواة وحقوق النساء، متحدثًا عن تمكين المرأة وحريتها، وكأن العالم الغربي هو الراعي الأول لهذه الحقوق، وهو الذي يحتكر تعريف العدالة والكرامة الإنسانية ، لكن خلف هذه الشعارات البراقة يكمن نفاقٌ دولي صارخ، يكشف زيف الادعاءات حين نقارن بين ما يدّعيه الغرب وما يمارسه على أرض الواقع، خصوصًا عندما ننظر إلى معاناة المرأة الفلسطينية، التي تواجه الإبادة والاضطهاد بدعم من ذات القوى التي تزعم حماية النساء.
عندما يتحدث الغرب عن “تحرير المرأة”، فإنه لا يعني تكريمها أو منحها حقوقها العادلة، بل يعني استغلالها كمادة إعلانية وسلعة تجارية، حيث تُوظَّف في التسويق، وتُقحم في منظومة استهلاكية لا ترى فيها سوى أداة للربح ، لقد تحوّل جسد المرأة إلى وسيلة لبيع المنتجات، وزُيّنت العبودية بمسميات مثل “الحرية” و”الاستقلال” ، بل إن المرأة الغربية نفسها لم تحصل على حق التصويت والمشاركة السياسية إلا بعد نضالات طويلة، فيما كانت المرأة في الإسلام مكرّمة منذ أكثر من 1400 عام، تتمتع بحقوقها في الإرث، والعمل، والعلم، والكرامة الإنسانية، دون الحاجة إلى مظاهرات أو معارك اجتماعية.
أما حين نعود إلى صفحات التاريخ الغربي، نجد الوجه الحقيقي لهذه الحضارة في تعاملها مع المرأة أثناء الحروب الكبرى، حيث كانت النساء تُغتصب وتُستعبد خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، وتُستخدم كأداة حرب نفسية ، فهل من قتل واغتصب النساء في تلك الحروب يحق له اليوم أن يتحدث عن حقوقهن؟
المرأة الفلسطينية.. القتل والاغتصاب تحت حماية الغرب
في الوقت الذي يتباكى فيه الغرب على حقوق المرأة، نجد أن النساء الفلسطينيات يواجهن أبشع الجرائم بدعم مباشر من الدول الغربية نفسها، التي تساند الاحتلال الإسرائيلي وتغطي على جرائمه ، وفقًا لتقارير حديثة، فإن العدوان الإسرائيلي على غزة أدى إلى استشهاد أكثر من 13 ألف امرأة وفتاة نتيجة القصف والاستهداف المباشر وترمّل أكثر من 140 ألف امرأة بعد فقدان أزواجهن وأطفالهن في القصف و50 ألف امرأة حامل وضعت مواليدهن في ظروف قاسية دون أدنى مقومات الرعاية الطبية ، وهنا يجب ان نتوقف كثيراً ونحن نرى كذب وزيف الشعارات الغربية وما تطبقه بالفعل ضد المرأة على ارض الواقع..
ولم يتوقف الأمر عند القتل والتشريد، بل تجاوز ذلك إلى الاعتداءات الجسدية والجنسية على مرأى ومسمع جميع المنظمات الحقوقية للمرأة ، التي تكتفي بتوثيق حالات التعذيب والإهانة والإغتصاب للنساء الفلسطينيات على يد جنود الاحتلال، دون أي إدانة حقيقية من الدول التي تدّعي الدفاع عن المرأة وحقوق الإنسان وترفع الشعارات الزائفة..
هذه الدولة المغتصبة التي يصفها ويدعي الغرب بأنها “واحة الديمقراطية”، هي نفسها التي ترتكب المجازر ضد النساء، ومع ذلك، نجد أن المنظمات الحقوقية الغربية تلتزم الصمت وقد خرست او أخرست أو تكتفي ببيانات جوفاء لا تتعدى الورق الذي كتبت عليه .
فكيف لمن يمارس هذه الوحشية أن يدّعي الدفاع عن المرأة في أي مكان آخر؟
الإسلام.. تكريم المرأة منذ الأزل
على النقيض من ذلك، نجد أن الإسلام كرّم المرأة تكريمًا لم ولن يصل إليه أي نظام وضعي. فقد خصّ الله النساء بسورة كاملة في القرآن، وسوّى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وفق فطرة الإنسان، فجعل لها الحق في التعليم، والعمل، والميراث، واختيار الزوج، والاحتفاظ باسمها بعد الزواج، بل وجعل الأم ثلاثة أضعاف الأب في البرّ والطاعة.
وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم خير من طبّق هذا التكريم، فكان يدعو إلى حسن معاملة النساء، ويحثّ على إعطائهن حقوقهن كاملة. ولم ينسَ وهو على فراش الموت أن يوصي أمته قائلاً: “استوصوا بالنساء خيرًا”، وكأن تكريم المرأة هو معيار الإنسانية والأخلاق عند الأمم.
يختبئ الغرب خلف شعارات جوفاء، يتحدث عن حقوق المرأة لكنه يتجاهل مآسيها عندما لا تخدم أجنداته السياسية. أما الإسلام والشرائع الدينية ، فقد أعطت للمرأة حقوقها منذ البداية، وجعل تكريمها جزءًا من العقيدة، وليس مجرد فكرة عابرة أو موضة سياسية تتغير مع الزمن.
وإذا أراد العالم أن يكون صادقًا في دفاعه عن المرأة، فعليه أن يبدأ بإدانة جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيات، وأن يكفّ عن النفاق السياسي الذي يرفع شعارات جوفاء بينما يقتل النساء في الحروب ويستغلّهن في الاقتصاد والإعلام.
المرأة بين التكريم الحقيقي والاستغلال الزائف
إن اليوم العالمي للمرأة يجب أن يكون مناسبة لكشف الحقيقة لا لترويج الأكاذيب ، فالمرأة ليست بحاجة إلى خطابات جوفاء من أنظمة قتلتها، وشردتها، واغتصبتها، ثم جاءت اليوم تلبس ثوب المدافع عنها ، إنما تحتاج إلى عدالة حقيقية، تبدأ من وقف الظلم عليها، وإنهاء الاستغلال الذي تتعرض له في كل المجتمعات.
لقد كرمها الله، وظلمها البشر، وبين هذا وذاك، يبقى الإسلام هو المنهج الوحيد الذي حفظ للمرأة إنسانيتها وكرامتها في كل زمان ومكان.