في يوم المرأة العالمي، نستحضر الادوار المفصلية التي قامت بها المرأة الاردنية والتي اثبتت من خلالها انها من اهم المفاعيل التي تحافظ على ديناميكية المجتمع الاردني وانها تماهت مع الرجل في كل المواقع لا بل استطاعت ان تكون مضرب مثل للمرأة العربية، فاسمحولي ان اتقدم من مليكتنا الغالية، الملكة رانيا العبدالله في هذه الذكرى مقدرين لجلالتها المنجزات الوطنية التي تمت تحت اشرافها المباشر او بتوجيهاتها والتي شكلت علامة فارقة في المنجزات الوطنية الاردنية على مستوى المحافظات والوطن ودعمت الجهد الوطني في اعطاء المرأة الاردنية الى ما تصبو اليه من حقوق في مختلف الميادين ، فالوطن بكليته يتطلع الى ان تحصل المرأة الاردنية على كافة حقوقها بطريقة متوازنة وبخطوات متريثة ومحسوبة والتي تراعي الذوق العام للمجتمع الاردني بكافة اطيافه وعادته التي ترسخ قيم اردنية متوارثه في اطار شريعتنا السمحة وان إعطاء المرأة كافة ما تصبو اليه من حقوق ، فالمرأة هي الام والاخت والزوجة والزميلة، ونتشارك معها جميع مفاصل الحياة ، ونلتزم معها كأيقونة وطنية بالاحترام المتبادل والتقديرالنابع من الاحساس بالمسؤولية تجاهها، وعلى مدار السنين ، أثبتت المرأة الأردنية من خلال مشاركتها الفاعلة في ميادين متعددة ( السياسية والاقتصادية والثقافية ) ، وقد اسهمت المرأة في صياغة مشاريع القوانين التي تُعزز حقوق المرأة وتحميها من الظلم ، وقد أدّت المشاركة الفاعلة للنساء إلى تحسين بيئة العمل ورفع مستويات الشفافية والمساءلة ، مما أسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي ، وان حضور المرأة جنباً الى جنب مع الرجل وتكاتفها خطوة بخطوة في بناء صروح الوطن بكل مقدراته وميادينه ، فالمرأة الاردنية هي الروح المعنوية للوطن ، فتحية تقدير لكل نشمية اردنية.

وسوف نستعرض اوضاع المرأه في العالم الغربي والعالم العربي ، فقد شهدت المجتمعات الغربية تحولات جذرية في حقوق المرأة خلال القرنين الماضيين ، حيث أصبحت المرأة تتمتع بحقوق قانونية وسياسية واجتماعية غير مسبوقة ، ومع ذلك نطرح بعض التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحقوق تُترجم دائمًا إلى تحسين حقيقي في أوضاع النساء على ارض الواقع ، أم أن هناك حالات لإستغلال المرأة جسديا و معنويا تظل قائمة تحت غطاء الحرية والمساواة ، الحقوق المكتسبة للمرأة في الغرب / كالحقوق السياسية ، فقد حصلت المرأة على حق التصويت في العديد من الدول الغربية في أوائل القرن العشرين ، حيث كانت نيوزيلندا أول دولة تمنح المرأة حق التصويت عام 1893، تلتها دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ، اما الحقوق الاقتصادية فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بشكل كبير، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، و بلغت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في الولايات المتحدة 56.2% عام 2022 اما الحقوق القانونية ، فقد اُقرت قوانين تحمي المرأة من العنف الأسري والتحرش الجنسي، وتكفل المساواة في الأجور، رغم أن فجوة الأجور لا تزال قائمة في العديد من القطاعات.

ولكن المرأة تعرضت للاستغلال في العالم الغربي تحت غطاء الحرية/ كالاستغلال الاقتصادي و رغم ارتفاع نسبة النساء العاملات ، لا تزال المرأة تتقاضى أجرًا أقل من الرجل ، وفقًا لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي، بلغ متوسط أجر المرأة في عام 2022 نحو 82 سنتًا مقابل كل دولار يكسبه الرجل ، الاستغلال في الإعلام والإعلان يتم تصوير المرأة في وسائل الإعلام والإعلانات كمجرد أداة جذب ، مما يسهم في تعزيز الصور النمطية الجنسية ، اما عن العبء المزدوج رغم مشاركة المرأة في سوق العمل، فإنها لا تزال تتحمل نسبة كبيرة من الأعمال المنزلية وتربية الأطفال، حيث تشير دراسة لمركز "بيو للأبحاث" إلى أن النساء يقضين حوالي 4.5 ساعات يوميًا في الأعمال المنزلية مقارنة بـ2.5 ساعة للرجال، اما عن الاستغلال في سوق العمل يتم فرض معايير جمالية صارمة على النساء في بعض المهن، مثل الترفيه والموضة، مما يؤدي إلى ضغوط نفسية واجتماعية.

اما عن حقوق المرأة في العالم العربي فإن الامر ما زال يحتاج الى عمل الكثير من اجل انصاف المرأة من خلال معالجة كثير من القضايا التي ما زالت تميز ضد المراة مثل عدم المساواة في قوانين الأحوال الشخصية و وفقًا لتقرير هيومن رايتس ووتش 2023، لا تزال قوانين الأحوال الشخصية في معظم الدول العربية تميز ضد المرأة، خاصة في الزواج والطلاق وحضانة الأطفال ، تقرير الأمم المتحدة (UN Women, 2022) أشار إلى أن 19 دولة عربية تُلزم المرأة بالحصول على إذن من ولي الأمر للزواج ، بينما لا يُفرض هذا الشرط على الرجال، ثم ان عدم قدرة المرأة على منح جنسيتها لأطفالها مازال ساريا فقد افاد تقرير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR, 2021 بان 12 دولة عربية لا تسمح للمرأة بمنح جنسيتها لأبنائها، مما يؤثر على حصولهم على التعليم والرعاية الصحية، والميراث غير المتساوي، فقد اظهرة دراسة البنك الدولي (2021) أن قوانين الميراث في 14 دولة عربية لا تمنح المرأة حقوقًا متساوية مع الرجل، مما يؤثر على قدرتها الاقتصادية.

وهناك عدد من المؤشرات التي تثبت ان وضع المراة في العالم العربي مازال يتكشف عن اوضاع مأساوية تعيشها المراة ، فمن الفجوة في الأجور، وفقًا لمنظمة العمل الدولية (ILO, 2023)، فإن النساء في الدول العربية يكسبن في المتوسط 78 سنتًا مقابل كل دولار يكسبه الرجل، رغم أدائهن نفس المهام ، التمييز في فرص العمل تقرير البنك الدولي (2022، أشار إلى أن نسبة مشاركة المرأة العربية في القوى العاملة بلغت 20% فقط، وهي واحدة من أدنى النسب عالميًا مقارنة بمتوسط عالمي حوالي 47%. ، التحرش في العمل ففي دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة 2021 أظهرت أن 37% من النساء العاملات في المنطقة العربية تعرضن للتحرش الجنسي، لكن معظمهن لم يبلغن بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية.

أما العنف الأسري فقد اشار تقرير الأمم المتحدة عام 2022 بأن ما يقارب 35% من النساء العربيات تعرضن للعنف المنزلي، لكن أقل من 10% منهن يبلغن عنه ، بسبب غياب القوانين الرادعة أو الوصمة الاجتماعية، وتحتل جرائم الشرف مساحة في العنغ القائم على النوع الاجتماعي بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش عام 2022)، فإن بعض الدول العربية لا تزال تفرض عقوبات مخففة على مرتكبي "جرائم الشرف"، مما يجعل النساء عرضة للخطر ،اما الاغتصاب والزواج القسري:وفقًا لتقرير اليونيسي 2021، فإن 13% من الفتيات العربيات يتزوجن قبل سن 18 عامًا، وهو ما يُعد شكلًا من أشكال الاستغلال والتمييز، و هناك التمييز الاجتماعي والثقافي لقيود على حرية التنقل: فقد افاد تقرير البنك الدولي 2023 أن 7 دول عربية لا تزال تفرض قيودًا على سفر المرأة دون إذن ولي أمرها، خاصة في دول الخليج، اما التعليم: وفقًا لليونسكو (2022)، فإن نسبة الأمية بين النساء العربيات تبلغ حوالي 22%، مقارنة بـ 14% بين الرجال، مما يعكس فجوة في فرص التعليم.

ورغم التقدم الكبير الذي حققته المرأة في الغرب و العالم العربي من حيث الحقوق القانونية والسياسية، فإنها لا تزال تواجه تحديات تتعلق بالاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لذا، يبقى تحقيق المساواة الحقيقية مرهونًا بمعالجة هذه الجوانب وضمان بيئة أكثر عدلاً للنساء في مختلف المجالات ، ومن المؤكد ان الحروب و الازمات الاقتصادية تشغل وتصرف الدول عن اهتمامها بشأن حقوق المرأة الى الشأن العسكري و تداعيات الحرب او الازمات .

حمى الله الاردن وسدد على طريق الخيرخطا جلالة الملك وولي عهدة الامين .

المصادر/ كتب ودراسات أكاديمية:
1. المرأة في العالم العربي" - نوال السعداوي –
2. النوع الاجتماعي والتحول الديمقراطي في العالم العربي" - ناديا النقي.

3. "Feminisms and Islam" - Margot Badra (UN Women Report
تقارير البنك الدولي عن تمكين المرأة اقتصادياً
منظمة العفو الدولية (Amnesty International) –
• Global Gender Gap Report4
مقالات أكاديمية ومجلات علمية:
• JSTOR (www.jstor.org)
• Google Scholar (scholar.google.com)
• Harvard Gender Studies Journal