facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين الفكرة والمؤسسة .. الحزب المدني الديمقراطي في اختبار الوجود


م. عامر البشير
26-03-2025 12:04 PM

في مشهد سياسي تتجاذبه ضرورات التجديد وإكراهات الواقع، تواجه الأحزاب الديمقراطية مفارقة جوهرية: كيف توازن بين مثالياتها النظرية ومتطلبات التنظيم؟ لم يكن الحزب المدني الديمقراطي الأردني كيانًا طارئًا نشأ من ظرفية عابرة، بل جاء استجابةً لتحدٍ أعمق، يتمثل في بناء فضاء حزبي قائم على الشفافية والتشاركية، يترجم الديمقراطية إلى ممارسة يومية، لكن هذا الطموح سرعان ما اصطدم بحقيقة صعبة: هل الأولوية للفكرة أم للمؤسسة؟ للمبادئ أم للمصالح؟ للإرادة التنظيمية أم لسطوة الفرد؟

الديمقراطية بين الاختبار والمأزق: هل التنظيم انعكاس للفكرة أم انعكاس للخلل؟
الديمقراطية ليست مجرد نصوص جامدة في النظام الداخلي للحزب، بل هي تجلٍّ حيٌّ في الممارسة اليومية، لا تُختبر التنظيمات بقدرتها على تبنّي الشعارات، بل بمدى التزامها بروح الديمقراطية قبل نصوصها. في هذا السياق، كان مسار الحزب المدني الديمقراطي زاخرًا بالتناقضات بين الخطاب والممارسة، حيث لم تكن الإخفاقات الإجرائية مجرد زلات تقنية، بل مؤشرات على خلل بنيوي أعمق.

فعندما تصبح الفردية معيارًا لاتخاذ القرار، ويتحول المكتب التنفيذي إلى كيان مترهل لا يلتزم بأبسط قواعد المؤسسية، وحين يتم التعامل مع استقالات رؤساء اللجان والفروع بانتقائية، فإن المشكلة تتجاوز حدود الإدارة اليومية وتمتد إلى جوهر الفلسفة الحزبية نفسها، وهنا لا يكفي تبرير الأخطاء بوصفها "إدارية"، بل يجب مواجهة السؤال الجوهري: هل يستطيع الحزب تصويب مساره من الداخل، أم أن مساره محكوم بتكرار أخطائه بصيغ مختلفة؟

بين التعديل والتكيّف: هل التغيير ضرورة أم إعادة تموضع سياسي؟
في جوهره، يُعد تعديل الأنظمة الداخلية أداة للتطوير المؤسسي، لكنه حين يتحول إلى وسيلة لحسم توازنات ظرفية، فإنه لا يكون تحديثًا بقدر ما يصبح إعادة ضبط لمعادلات القوة وتوزينها، إن إدخال رئيس الحزب وأعضاء المجلس الاستشاري والمحكمة الحزبية ضمن الهيئة العامة للمؤتمر القادم قد يبدو خطوة تنظيمية مبررة من حيث المبدأ، لكن حين يتم فرضه بأسلوب يتجاوز روح التشاركية، فإنه يطرح سؤالًا أعمق حول طبيعة المؤسسية داخل الحزب.

حين يُعدل موقع المحكمة الحزبية دون مرجعية انتخابية واضحة، وبما يخالف الخطوط العريضة التي اتفق عليها المؤسسون عند التاسيس، لضمان فصل السلطات داخل الكيان التنظيمي للحزب، وإبقاء المحكمة الحزبية خارج دائرة التجاذبات الداخلية ومعزولة عن هياكل الحزب—وهو ما جرى تضمينه في النظام الأساسي المودع لدى الهيئة المستقلة للانتخاب—فإننا لا نكون أمام تطوير تنظيمي، بل أمام إعادة ضبط لموازين القوة بما يخدم مصالح آنية. فهل هذه التعديلات ضرورة مؤسسية، أم تكريس لنفوذ مرحلي؟ وهل يمكن لحزب يبدّل نصوصه باستمرار أن يحظى بثقة أعضائه، أم أن الإفراط في التعديلات يحوّل النظام الداخلي إلى نص هلامي، قابل للتطويع وفق الظروف، لا وفق المبادئ؟

بين التجديد والممانعة: هل الديمقراطية فعل تراكمي أم سلطة ممانعة؟
الديمقراطية لا تتجذر في خطاب الحزب فحسب، بل في آليات تجديده الداخلي. التداول القيادي ليس مجرد ترف تنظيمي، بل هو ضرورة للحفاظ على الحيوية السياسية للحزب، إذ يحول دون تحوله إلى دائرة مغلقة من الأسماء المتكررة، لا بد من وجود لجان رقابية تُحاسب وتُقيّم، فلا يُترك الأداء القيادي دون مساءلة، ولا تُسمح للقرارات بأن تظل حبيسة الأدراج دون تنفيذ.

تعزيز المؤسسية يستوجب إشراك الشباب في مراكز القرار، ونشر تقارير دورية تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، مع سقف زمني يحول دون ترحيل الالتزامات والأزمات إلى أفق مفتوح على التلكؤ والتسويف.

الحزب الذي يؤمن بأن المبادئ هي البوصلة، لا المصالح العارضة، لا بد أن يصوغ ذاته ككيان يحكمه النظام لا الأشخاص، وتوجّهه الشفافية لا المصالح الضيقة، بحيث تصبح الديمقراطية فيه ممارسة يومية، لا مجرد وعد انتخابي أو خطاب استهلاكي.

الخشية من فقدان "الخبرة" لا يمكن أن تكون ذريعة لتعطيل التجديد، فالخبرة لا تُحتكر في أسماء بعينها، بل تُراكم عبر الأجيال المتعاقبة، والديمقراطية لا تقوم على احتكار المواقع، بل على قدرتها على الاستمرار بغض النظر عن الأفراد، ومن هنا، فإن أي محاولة للالتفاف على مبدأ التداول ليست سوى إعادة إنتاج لواقع مأزوم، يجعل الحزب أسير دوائر نفوذ لا تتغير إلا تحت ضغط الضرورة، لا برغبة الإصلاح الذاتي.

مؤتمر الحزب القادم، بين مفترق طرق هل يتم إعادة تدوير الواقع؟
مع اقتراب موعد المؤتمر العام للحزب، يقف المشروع الحزبي أمام لحظة مفصلية: إما أن يكون المؤتمر خطوة نحو ترسيخ المؤسسية، أو يتحول إلى مجرد إعادة إنتاج للواقع القائم، حيث تتكرر الأسماء نفسها، وتُستعاد المبررات ذاتها، غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن في تغيير النصوص فحسب، بل في إعادة بناء الثقة، تلك الثقة التي لا تُستعاد بالإعلانات والبيانات والتمنيات، بل بالممارسات التي تعكس التزامًا حقيقيًا بالديمقراطية، لا مجرد الترويج لها.

من هنا، فإن مقترحنا بعدم ترشح أعضاء المكتب التنفيذي المنتهي صلاحيته للانتخابات المقبلة لا ينبغي أن يُقرأ بوصفه استهدافًا شخصيًا، بل باعتباره خطوة نحو خلق ديناميكية جديدة تعيد التوازن بين الفكرة والمؤسسة، كما أن الانتخابات وحدها ليست ضمانًا للنزاهة؛ إذ لا بد من تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر العام القادم تمثل جميع الأطراف، واختيار أشخاص مستقلين للإشراف على انتخابات المكتب التنفيذي القادم، إضافة إلى لجان رقابية تُحاسب وتُقيّم، فلا يُترك القرار بعد انتهاء صلاحية المكتب التنفيذي بالاستقالات الأخيرة محكومًا بأهواء أفراد.

الأزمة ليست أزمة قيادة أو إدارة فحسب، بل هي في جوهرها أزمة في فهم معنى الديمقراطية ذاتها: هل هي مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة داخل الحزب، أم التزام بمبدأ التشاركية في صنع القرار؟

بين الفكرة والتنظيم، مطلوب خارطة طريق للإصلاح
كل التساؤلات السابقة مشروعة وتستوجب وضع خارطة طريق قائمة على التشاركية، لضمان إعادة مشروعنا السياسي إلى مساره الصحيح، تناولت الموضوع من منظور إصلاحي بمعناه الضيق، ولم أسعَ إلى نقد شخصي أو تجريح مسلكي، بل أراه من واقع التجربة العملية التي يجب أن تُناقش بموضوعية، مستندة إلى الممارسة الواقعية والنتائج الملموسة.

مشروعنا السياسي ليس مجرد فكرة أو مبادرة عابرة، بل هو قضية تتجاوز الأفراد والمسارات الشخصية، لذلك، حين خضت في تفاصيله، كان هدفي البحث عن الفهم العميق والاستفادة من التجربة، وليس الدخول في متاهات الشخصنة أو التقييم الذاتي للأفراد.

ما يهمنا هو تحليل الأداء واستخلاص الدروس المستفادة، والبحث عن أفضل السبل لتطوير المشروع السياسي وتحقيق أهدافه، وباسمي واسم الزملاء المستقيلين، المهندس محمد النجداوي، والدكتور بسام عفيشات، والمهندس مصطفى أبو داري—مع حفظ الألقاب—نؤكد أننا معنيون بالنتائج، وبالتعامل مع الواقع كما هو، وبكيفية تحويل الأفكار إلى إنجازات ملموسة، بعيدًا عن أي اعتبارات شخصية أو تصفية حسابات فردية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :