الشرق الأوسط على صفيحٍ ساخن
عبدالله ابوعلي
04-04-2025 11:55 PM
تعيش منطقة الشرق الأوسط لحظة فارقة في تاريخها حيث تتصاعد الأحداث بوتيرة غير مسبوقة معلنة عن مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي والدولي وفي قلب هذا التصعيد تُعد رفح الفلسطينية الشاهد الأحدث على خطوات إسرائيلية مدروسة تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة ديموغرافيًا وجيوسياسيًا، وسط دعم عسكري أمريكي متزايد وتواطؤ دولي واضح.
في تطور خطير وغير مسبوق الجيش الإسرائيلي قام بفرض سيطرته الكاملة على مدينة رفح الفلسطينية الواقعة جنوب قطاع غزة وذلك بعد حملة عنيفة من القصف المكثف والضربات الجوية التي أجبرت معظم سكان المدينة على الفرار منها، وقد دخلت الفرقة 36 المدرعة الإسرائيلية– وهي الأكبر في الجيش الإسرائيلي – إلى المدينة للمرة الأولى منذ إندلاع الطوفان في خطوة تشير إلى تحوّل نوعي في مجريات الصراع.
هذا التطور يعني بوضوح أن الحدود الشرقية لقطاع غزة مع مصر أصبحت الآن تحت السيطرة الإسرائيلية مما يزيل فعليًا أي منطقة فاصلة بين الدولة العبرية ومصر ، وحسب مصادر مطلعة فإن هناك خطة إسرائيلية مُعدة سلفًا لتنفيذ مشروع تهجير واسع النطاق لسكان قطاع غزة، في انتظار دعم إضافي من فرقتين مدرعتين لتأمين الممرات المؤدية إلى سيناء.
أما في باقي مناطق القطاع، فقد باتت الأمور أكثر كارثية حيث يحاصر الجيش الإسرائيلي آلاف الفلسطينيين في منطقة "المواصي" جنوب غرب غزة، القريبة من ساحل البحر وتم قطع الإمدادات الغذائية والطبية عنهم،وسط استمرار القصف اليومي لمخيماتهم، في محاولة واضحة لإجبارهم على النزوح نحو الحدود المصرية، وإبعادهم نهائيًا عن مدينة رفح.
وفي خضم هذه التطورات تشير المؤشرات إلى تصعيد أوسع يشمل كامل منطقة الشرق الأوسط، تقوده الولايات المتحدة بدعوى مواجهة البرنامج النووي الإيراني، فقد شهدت الأيام الماضية حشدًا أمريكيًا غير مسبوق في قواعدها العسكرية المنتشرة في الخليج والمحيط الهندي، لا سيما قاعدة "العديد" في قطر بالإضافة إلى تواجد ثلاث حاملات طائرات في البحر الأحمر والمتوسط، وسبع طائرات شبحية ، وأربعة آلاف جندي أمريكي.
ورغم التصريحات العلنية التي تبرر هذا الحشد بأنه يأتي في سياق الردع ضد إيران ، إلا أن الحقيقة الظاهرة على الأرض تشير إلى أنه يأتي ضمن خطة شاملة لدعم إسرائيل عسكريًا ولوجستيًا في مشروعها للتهجير والسيطرة وتثبيتها كقوة إقليمية دون منازع، كما أن هذه القوات الأمريكية تُعد نفسها – بحسب الصحافة الأمريكية – لتوجيه ضربة عسكرية هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية ضد إيران، وهو ما يُنذر باشتعال الجبهة في الخليج العربي كذلك.
ومع دخول القوات الإسرائيلية بريًا إلى سوريا، وقصفها لمناطق متعددة في درعا ودمشق وحماه، فإن رقعة الصراع تتسع لتشمل مناطق جديدة مما يثبت أن ما يحدث ليس مجرد عملية عسكرية محدودة، بل بداية لحرب شاملة تتشكل معالمها يومًا بعد يوم.
إن ما يجري اليوم في رفح وغزة وسوريا، وما يُخطط له في سيناء والخليج، ليس إلا فصلاً جديدًا من مشروع استعماري قديم بوجه جديد، يُنفذ على مراحل وبأدوات مختلفة، والخطر الأكبر ليس في دباباتهم وطائراتهم بل في غفلة الشعوب وفي وهم الحياد الذي سيزول عندما تصل ألسنة النار إلى أبواب بيوتنا، لقد بدأت الحرب فعلًا وآن أوان الوعي واليقظة وقد أصبح الصمت خيانة واللامبالاة جريمة.