العودة إلى العمل بعد العيد: كيف تؤثر التكنولوجيا على طاقتنا بعد الصيام؟
هبة الحبش
05-04-2025 11:28 PM
مع انقضاء عطلة عيد الفطر، يعود الموظفون في الأردن والوطن العربي إلى أعمالهم المكتبية و الخارجية أو الرقمية، محاولين التكيّف من جديد مع روتين الحياة العملية. وبين مشاعر الحنين لأيام الراحة بعد عطلةٍ طويلة او من ساعات الدوام القليلة في أيام الشهر الفضيل، لمتطلبات العمل المتراكمة والواجبات المؤجلة لجملة الموظفين الشهيرة ( لبعد العيد)، تبرز التكنولوجيا هنا كعنصر أساسي له تأثير مزدوج: فهي تسهّل العودة من جهة، لكنها قد تستنزف طاقتنا من جهة أخرى، كيف ذلك؟؟
خلال شهر رمضان، يتغير نمط الحياة جذريًا. تتقلص ساعات العمل، ويصبح النهار أكثر هدوءًا والتركيز الذهني متفاوتًا. ثم تأتي عطلة العيد كفسحة للاسترخاء والاحتفال. لكن العودة المفاجئة للوتيرة الطبيعية – بل أحيانًا المتسارعة – تصطدم بتغيرات النوم، التغذية، والجهوزية النفسية، والطبيعة البشرية التي أصبحت تتأثر بالتكنولوجيا ونخص بالذكر هنا مواقع التواصل الإجتماعي بشكل سلبي أدى إلى تراجع في أداء المهام والواجبات من أصحاب العمل و الشركات.
فيكون التحدي بكيفية التوازن بين الأعمال المؤجلة و التسابق في ملاحقة الأخبار على منصات التواصل الإجتماعي من غير التذمر بكثرة الضغوطات و "مش ملحقين شغل" و " اليوم بعده أول يوم دوام"،
وهنا ظهرت دراسات إقليمية أن أكثر من 58% من الموظفين في العالم العربي يشعرون بصعوبة في استعادة تركيزهم وكفاءتهم في أول أسبوع بعد عطلة العيد، خصوصًا في الوظائف المكتبية التي تعتمد على الأداء الذهني العالي والتفاعل مع التقنيات الحديثة.
هذا ما يدعوننا للتفكير و التأمل هل التكنولوجيا نعمة أم نقمة بعد العطلة؟
في الظاهر، تساعدنا التكنولوجيا في تسريع العودة إلى الروتين:عن طريق رسائل البريد الإلكتروني ، الاجتماعات عبر زووم
وأدوات تنظيم المهام مثل Trello وSlack
،لكن في الواقع، تتسبب هذه الوسائل غالبًا في ما يُعرف بـ "الإنهاك الرقمي" الناتج عن التعرّض المتواصل
للمحفزات البصرية والضغوط اللحظية.
في الأردن، تشير استطلاعات غير رسمية إلى أن عدد ساعات استخدام الهاتف المحمول ترتفع بنسبة 20-30% خلال عطلة العيد، خاصةً على منصات التواصل الاجتماعي. وعند العودة إلى العمل، لا يختفي هذا الاستخدام فجأة، بل ينتقل معنا إلى بيئة العمل، مما يشتت الذهن ويقلل من جودة الإنتاجية و الشعور بالملل و العصبية.
التنقل السريع بين المهام، الإشعارات المستمرة، وتعدد القنوات الرقمية يستهلك ما يُعرف بـ "الطاقة التنفيذية" في الدماغ – وهي المسؤولة عن اتخاذ القرارات، التركيز، والتحليل. ومع قلة النوم التي ترافق الكثيرين بعد رمضان أو عطلة العيد، تصبح هذه الطاقة مستنزفة أصلاً، فتبدو العودة للعمل أكثر صعوبة.
لإستعادة التوازن ننصح باتباع الخطوات العملية التالية:
1.إعادة ضبط الإيقاع البيولوجي: العودة إلى مواعيد نوم واستيقاظ ثابتة هو المفتاح الأول لاستعادة الطاقة و يفضل الابتعاد عن الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل.
2.العودة التدريجية للتكنولوجيا: لا حاجة للانغماس الكامل في الرسائل والإشعارات من أول يوم. يمكن تخصيص أوقات محددة للرد على البريد الإلكتروني والمهام الرقمية.
3.تقنية "البلوكات الزمنية": تقسيم اليوم إلى فترات مركزة من العمل، يتخللها فترات راحة قصيرة خالية من الشاشات، يُعدّ من أكثر الأساليب فاعلية للعودة للإنتاجية.
4.التواصل الإنساني: في أول أيام العمل بعد العيد، لا تُهمل قيمة المحادثات القصيرة مع الزملاء، فهي تجدد النشاط وتحسّن الحالة النفسية.
التكنولوجيا هي جزء أساسي و لا غنى عنها في بيئة العمل، لكنها ليست بديلاً عن التوازن الداخلي والنفسي الذي يحتاجه الموظف ليعمل بكفاءة. العيد يمنحنا فرصة لإعادة الشحن، لكن الحفاظ على هذه الطاقة يتطلب وعيًا رقميًا مدروسًا. وفي وطننا العربي، حيث تتداخل العادات والتكنولوجيا والثقافة، فإن المرونة والتخطيط الذكي هما مفتاح العودة السلسة للعمل بعد كل عطلة، وكل عام وجميع الموظفين و العاملين بخير.