معالي مازن الفراية .. رجل الدولة الذي لا يُنصفه إلا الميدان
محمد نمر العوايشة
06-04-2025 10:53 AM
في زمن باتت فيه الاتهامات تُطلق على عواهنها، ويُهاجم الشرفاء دون وازع أو دليل، يجد بعض رموز الدولة أنفسهم في مرمى نيران حملات غير مبررة، تستهدف لا الأشخاص فحسب، بل تستهدف قيمة العمل الوطني الصادق، وتُحاول تقويض ثقة المواطن بمؤسسات دولته. وما يحدث من هجوم ممنهج على معالي وزير الداخلية السيد مازن عبد الله هلال الفراية، لا يمكن وصفه إلا بأنه حملة مدبّرة، تُدار بأدوات تضليل وتشهير، أقل ما يُقال فيها إنها ظالمة، ولا تمتّ للنقد البنّاء بصلة.
لقد عرفت معالي الوزير منذ سنوات، حين كان يشغل مناصب قيادية في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، ثم في وزارة الصحة، وأخيراً في وزارة الداخلية، ولم أرَ فيه يومًا إلا رجلًا صاحب قرار، ميدانيًّا، لا يتأخر في الاستجابة، ولا يتوانى عن تحمّل مسؤولياته في أحلك الظروف. رجل صدوق، حازم، لا يبحث عن المديح، لكنه أيضًا لا يستحق هذا الهجوم المُريب، الذي بلغ حدّ الإساءة إلى أسرته وابنته الصغيرة، في سلوك مرفوض أخلاقيًا وإنسانيًا ودينيًا.
من يطالع سيرة معالي مازن الفراية، لا يملك إلا الاحترام. ابن الكرك، وُلد عام 1969، وتخرّج في جامعة مؤتة - الجناح العسكري، ليبدأ مسيرة عسكرية مهيبة في القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، دامت 25 عامًا، تقلّد خلالها مناصب حساسة، منها مدير العمليات في القيادة العامة، ومراقب عسكري في بعثة الأمم المتحدة في جورجيا، وممثل رئيسي للأردن في القيادة المركزية الأمريكية في تامبا، كما عمل مسؤولًا عن بناء القدرات في القوات المسلحة الأردنية.
لم يكن معاليه ضابطاً تقليديًا، بل جمع بين العمل الميداني الرفيع والتحصيل العلمي المتين. يحمل درجتي بكالوريوس في العلوم العسكرية والإدارة العامة من جامعة مؤتة، وماجستير في العلوم العسكرية من كلية مبارك العبدالله بالكويت، إضافة إلى ماجستير في الدراسات الاستراتيجية من الكلية الحربية للجيش الأمريكي في كارلايسل، بنسلفانيا. كما شارك في عشرات الدورات العسكرية المتقدمة في الأردن، والولايات المتحدة، والنمسا، وألمانيا، ما يجعله نموذجًا حيًا للقائد الذي لم يتوقف عن التطوير.
أثناء أزمة كورونا، أدار خلية الأزمة بكفاءة ومهنية يشهد بها الجميع. كان حاضرًا، شفافًا، يتحدث بصراحة، ويطمئن الناس في وقت كان فيه الخوف سيد الموقف. لم يتوارَ خلف الجدران، بل واجه الواقع، وقدم أداءً يستحق التقدير، ثم تابع دوره الوطني كنائب لرئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، قبل أن يُكلف بوزارة الداخلية في آذار 2021، ويُعاد تكليفه بها في أيلول 2024، بعد أن أثبت جدارة واستحقاقًا.
نموذج الفراية لا يُعجب أصحاب الأجندات، ولا يُريح الطامحين إلى الفوضى، ولهذا بدأت حملة استهدافه، خصوصًا على منصات مثل “تيك توك”، بأسماء وهمية، وأصوات ترفع شعار “الرأي الحر”، بينما هي في الحقيقة تروّج للفوضى والتشويه. وقد استشهدت في هذا السياق بما ورد في “وكالة الكرك الإخبارية” التي عبّرت عن رفضها لهذا النمط من الخطاب، وناشدت بوقف الحملة وفتح تحقيق بمن يقف خلفها. وقد وافقتها الرأي، لا بوصفها جهة إعلامية، بل من موقع الحرص على إنصاف الرجال الذين لا يصمتون حين يحتاجهم الوطن.
الوزير الفراية لم يكن يوماً من أصحاب المكاتب المغلقة، بل هو من القلائل الذين يتواجدون في الميدان، يتابع، يستمع، يستجيب، ويرفض الوساطة في التعامل مع الناس، مفتوح الأبواب، واضح الموقف، يحمل قلب الأردني المؤمن بوطنه ومليكه وأبناء شعبه.
من الظلم أن يُستهدف رجل بهذا الرصيد لمجرد أنه لم يُساير بعض الأصوات الخارجة عن النص، أو أنه قال لا في وجه بعض المصالح. من الظلم أن يتحوّل النجاح إلى تهمة، وأن تُشوَّه الصورة بهذه الطريقة الرخيصة.
أنا لا أكتب هذا دفاعًا عن شخص، بل دفاعًا عن القيمة. لأن الدولة لا تُبنى على الإشاعة، بل على الصدق. ولا تترسخ المؤسسات بالكذب، بل بالمواقف. ومازن الفراية، في عُرف الوطنيين، موقف.
وأخيرًا، من المؤلم أن نحتاج إلى التذكير بأن من يحمل كل هذه السيرة، ويقدم كل هذا العطاء، لا يستحق سوى الاحترام، لا التجريح. ومن المخزي أن تصبح النزاهة تهمة، وأن يُساء إلى رجل دولة من بوابة منصات خارجة عن كل قيمنا.
رحم الله من قال: “إذا رأيتم الرجل قد علا، فانظروا في الطريق الذي سلكه”. ومازن الفراية، سلك طريق الجندية، والمسؤولية، والوطنية. ولن يكون مصيره إلا الاحترام، مهما علا ضجيج الكذب.
والله من وراء القصد..