هنا قد نفهم سلوك الصياد وحسن تقديره بإلقاء الطعم ونصب الفخ المناسب للفريسة التي ينوي صيدها وينتظر النتائج، والنتائج هنا تكون على قدر دقة تخطيطه ومعرفته بسلوك الفريسة وإهتماماتها وحسن استغلال ذلك، وقد يذهب الصياد لأبعد من ذلك، فقد يعول في أحيان كثيرة على غباء الفريسة نفسها اكثر من حسن تخطيطه ودقة تسديده، ويكون ذلك اما بسوء تقديرها او ايهامها بالمنفعة المكتسبة من الطعم (او تواطؤها)، فكثير من الفرائس معروف عنها سرعة اندفاعها ورعونتها وابتلاعها للطعم، حتى انها تعتبر التقاف الطعم هو مكسب، وتبدأ تعداد حسنات الطعم وفوائده وانعكاسه على مجمل مسيرتها وقضيتها بشكل عام، وإذا وقع المحذور وتم الصيد، يستمر مسلسل الوهم ويقال: يكفي اني جعلت صيادا يخسر طعما ويدمر فخا، وتبقى الجدلية الازلية: هل يتم الصيد بذكاء الصياد ام بغباء الفريسة؟، وانا أقول انه بين هذا وذاك.
هناك اهداف كثيرة للصياد عند القائه الطعم واصطياد الفريسة وقد نبقى عاجزين ( او قادرين) على فهم الاهداف الحقيقية لغاية ظهور النتائج الاولية للصيد ونوايا الصياد وأهدافه، وقد تبقى الكثير من الاهداف وكشفها رهينة تعاقب الزمن وظهور مستجدات اخرى وتسلسل احداث يفسر بعضها بعضا شيئا فشيئا، لكن المصيبة وبعد اتضاح النتائج وإنجلاء الحقائق كما خطط لها الصياد, يبقى الاصرار والتعنت من الفريسة بأنها كسرت هيبة الصياد ودمرت له فخا واكلت له طعما وعنز لو طارت.
الاخطر والادهى بالموضوع ان يتمكن الصياد من القيام بدور الفريسة بإتقان تام وربما يجدع انفه بسبيل ذلك( ويقال لأمر ما جدع قصير انفه) وتتوهم الفريسة حينها انها اصبحت الصياد فتنتشي وتزهو، وهنا يصبح من السهل استدراجها لمضاربه ( وقد كان) من دون ادنى عناء في البحث عنها، ويتم الصيد ( والابادة) تحت ذريعة الدفاع عن النفس، وتستمر جدلية دهاء الصياد وغباء الفريسة.
على اي حال وما يهمنا بعد ذوبان الثلج وبيان المرج
لن نسمح لهذه الفريسة التي اصبحت كذلك بسوء تقديرها او تواطؤها فكلاهما سواء ، نقول لن نسمح لها بجر غيرها الى ساحة العبث والتدمير والابادة المجانية التي اقحمت نفسها به دون ادنى نتائج تذكر، ولن نسمح بنقل السذاجة وبتكرار تجارب ما زالت ماثلة بأذهاننا حول هذا العبث والهتافات التافهة التي تفتقر لأدنى درجات الرشد والحصافة السياسية، والتي كادت ان تذهب يوما ما بدولة كاملة، لولا فضل الله اولا ثم حكمة وحزم من تولوا الامر.