من المحيط إلى الخليج .. صرخة العروبة والإسلام في زمن التمزق
د. مي بكليزي
09-04-2025 04:04 PM
لماذا كل هذا التخويف؟ ولماذا كل هذا التخوين؟
أوَليس قرآننا واحدًا، وبلادنا واحدة؟
أليست تلك البلاد التي ما غابت عنها شمس الإسلام، الممتدة من المحيط إلى المحيط، تحمل في كل شبر منها ذكرى نصر أو دم شهيد؟
أوَلسنا نتكلم لغة واحدة، ونحمل هدفًا واحدًا، ونواجه تحديات واحدة؟ فكيف لنا إذًا أن نسمح لرياح التفرقة أن تعبث بجذورنا العميقة؟
هذا تمامًا ما تعلمناه منذ نعومة أظفارنا، في دروس التربية الوطنية، وتكرّر صداه في صفحات الجغرافيا والتاريخ. كبرنا على قصص العزة والوحدة، ونشأنا على حكايات الثبات والمقاومة.
أوَلم يُعلمونا قصة الثور الأبيض، الذي استُفرد به العدو أولًا، فكان سقوطه إيذانًا بسقوط الأحمر ثم الأسود؟
أوَلم نحفظ حكاية العصي التي اجتمعت فرفضت الكسر، وحين تفرقت، تكسّرت واحدةً تلو الأخرى؟
نعم، هكذا تربّينا، وهكذا عرفنا أنفسنا.
فبأي ذنب تُقتَل فينا روح العروبة والإسلام، ونحن نرى رسائل التخوين والتخويف تتسلل إلى العقول والقلوب، تبث سموم الشك بين الأخ وأخيه، بين العربي والعربي، بين المسلم والمسلم؟
أليست رمالنا الذهبية، من أقصى المحيط إلى ضفاف الخليج، قد رسمت بشمس واحدة لا تغيب؟
أليست أرضنا الحمراء التي نطؤها كل يوم، قد جُبلت بدماء الشهداء منذ معركة بدر، حتى اليوم؟
من سوريا إلى السودان، ومن اليمن إلى ليبيا، ومن العراق إلى فلسطين، سال الدم نفسه، وارتفعت الصرخة ذاتها، وعاش الحلم ذاته: النصر، ووحدة الصف، ووحدة الكلمة.
إنها ليست مجرد جغرافيا تجمعنا، بل عقيدة وهوية وتاريخ ودم مشترك.
إنها تلك الجذوة التي يجب ألا تنطفئ، والراية التي لا يجب أن تسقط، مهما بلغ بنا الخلاف، ومهما اشتدت علينا الأزمات.
فهلّا أعدنا قراءة أنفسنا؟
هلّا استيقظنا من غفلتنا؟
هلّا عدنا كما كنا، أمة واحدة، ليقال فينا بحق:
"كنتم خير أمة أُخرجت للناس."