سفينتنا التي لا تحتمل العبث
ماهر أحمد لوكاشه
12-04-2025 12:09 PM
في هذا المنعطف الحرج من تاريخ المنطقة، حيث تتقاطع التحديات وتتشابك المخاطر، لا بد من التمسك بالثوابت الوطنية التي تحمينا، وتعيد التأكيد على أن الأردن ليس مجرد رقعة جغرافية، بل سفينةٌ نستقلّها جميعًا، نُبحر بها معًا وسط أمواج متلاطمة لا ترحم.
لا نريد أن يُسيء أيُّ مواطن إلى أخيه المواطن، ولا أن تُسيء أيّ فئة من أبناء هذا الوطن إلى الدولة الأردنية، ممثلةً بالعرش المفدى، والوطن العزيز، والشعب الكريم. كما لا نريد للدولة أن تُخطئ بحق أيّ من مواطنيها، فالعلاقة بين الطرفين ليست علاقة خصومة أو صراع، بل علاقة انتماء ومسؤولية متبادلة.
نحن — أبناء هذا الوطن من كل الأصول والمنابت، والأعراق، والأديان، والمذاهب، والانتماءات الفكرية والسياسية — نُبحر معًا على متن سفينة واحدة، اسمها “الأردن”، في بحرٍ هائجٍ يعجّ بالعواصف والمؤامرات والضغوط. هذه السفينة — التي كانت وما زالت بتوفيق الله وحنكة قيادتها — تواصل شقّ طريقها بثباتٍ نحو برّ الأمان.
لكن هذه المسيرة مهدّدة إن نحن تقاعسنا عن أداء واجباتنا. فليس من الحكمة أن ينشغل الركّاب بالخصومات، والمهاترات فيما الأخطار تحيط بسفينتهم من كل جانب. وكما أن الإساءة إلى أيّ مواطنٍ تشقّ نسيج الوطن، فإن تجاوز حدود النقد يهدد استقرار المسيرة التي يقودها القبطان بحكمة، ويسانده طاقمٌ مخلص، في ظل شرعيةٍ تاريخيةٍ ودستوريةٍ راسخة.
إن نجاح التجربة الأردنية مرهونٌ بقدرتنا على التوازن بين حقّ الاختلاف وواجب الحفاظ على السفينة. الحوار البنّاء، والنقد المسؤول، والالتزام بخطابٍ يجمع ولا يفرّق، هي أدواتنا الحقيقية لمواجهة التحديات. أما الاستسلام للمشاحنات الداخلية، أو الغلوّ في الطروحات، أو التغاضي عن أمواج الخارج الهادرة، فهو استدراجٌ نحو مصيرٍ مظلم.
فلنتذكّر جميعًا أننا — رغم اختلافاتنا — جسدٌ واحد، إذا اشتعلت فيه نار الفرقة، طال الألمُ الجميع. وسفينتنا ليست ملكًا لفئة دون أخرى، بل هي ملاذُنا المشترك، وحمايتها واجب وطني لا يحتمل التأجيل، لأن التفريط بها خسارة لا تُعوَّض.
الله الله في وحدتنا،
الله الله في وعينا،
الله الله في سفينتنا،
فهي طريقنا إلى الغد، وضمانة أبنائنا بعدنا.