facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جدلية البطل والقيم


د. بركات النمر العبادي
12-04-2025 12:27 PM

تشكل البطولة أحد الموضوعات الرئيسية للعديد من أشكال الأدب الشعبي العالمي على تعددها وتنوعها، وعلى رأسها أساطير البطولة والملاحم وحكايات الخوارق والأساطير الدينية التي تتضمن سير الأنبياء والأولياء والقديسين وغيرها ، وربما يرجع ذلك إلى أن الإنسان منذ ان أحس بوجوده على الأرض، كان همه أن يصور النموذج البطولي للإنسان الفائق القوة الذي يستطيع أن يحقق شيئا لشعبه بشكل خاص، وقد جاء التعبير عن البطولة في العالم الأرضي بعد التعبير عنها وتصويرها في العالم السماوي في أوساط الآلهة في تلك المجتمعات الت كانت تتهجا خيوط المعرفه ، وكما يبدو ذلك في العديد من الأساطير القديمة ، وقد عني الباحثون والعلماء في العديد من فروع المعرفة بالبطل والبطولة ، فعلى سبيل المثال استخدم علماء التحليل النفسي رموز الأساطير في تفسير رموز الأحلام ، واعتبروا أن الأبطال تجسيد للعقد النفسية المكبوتة ، وبذلك جعلوا من البطل نموذجا للمرض النفسي ، اما علماء الأنثروبولوجيا ، فقد توصلوا إلى أن البطولة في الأساطير لم تكن إلا تجسيما للوعي الجماعي ، أو تعبيرا عن النظام الذي تقوم عليه حياة الجماعة ، وبذلك جردوا البطل من كل معنى ذاتي، وأصبح البطل تعبيرا عن الجماعة أو عن الوظيفة الاجتماعية .

ومعظم الشعوب التي كانت لها حضارات مميزة ، نسجت العديد من الأساطير والحكايات التي تمجد أبطالها وأمراءها وملوكها ومؤسسي دياناتها أو مدنها أو إمبراطورياتها ، وأضافت هذه الشعوب على ميلاد هؤلاء الأبطــال وصبغت حيــاتــهــم مسـحـات خــيــالـــية ، وقد لفت انتباه الباحثين ذلك التشابه المذهل ، بل والتطابق الحرفي أحيانا بين هذه القصص ، وعلى الـــرغم مــن البــــعــد بين هـذه الشــعــوب عــن بــعـــضــها البعض من الناحية الجغرافية ، واستقلالية كل منها عن الأخرى .

ويعرف د. شوقي ضيف، البطولة بأنها في اللغة الغلبة على الأقران ، وهي غلبة يرتفع بها البطل عمن حوله من الناس العاديين ارتفاعا يملأ نفوسهم له إجلالا وإكبارا، وقديما كان البطل في القبيلة وفي عهود الحياة الأولى للأمم يعد شخصا مقدسا، بل لقد كانوا يظنونه أحيانا من سلالة الآلهة ، وكأنه هبة السماء تهبها لهم ، حتى لا يقعوا فريسة لمن سواهم ، وحتى لا يسقطوا في مهاوي لا قرار لها من الاضمحلال والفناء ، وعلى نحو ما كانوا يقفون أمام خوارق الطبيعة مشدوهين حائرين شاعرين كأنما تحوطها هالة سحرية ، كانوا يقفون أمام البطل مذهولين كأنما يستر في طواياه قوى خفية ، وهي قوى مكنت له في رأيهم من الإتيان بالخوارق في البسالة وقتال أعدائهم ، وهي خوارق لا تقف عند نجاته من القتل بل تمتد إلى نجاتهم معه ، نجاة جعلتهم يشعرون بقوة أنه هو الذي يهبهم الحياة ، ومن أجل ذلك عبدوه أحيانا ، وخاصة في عهود الإنسانية الأولى ، حتى ليطلق على بعض فتراتها فترة عبادة الأبطال ، حين كان يتراءى لمن حولهم رموزا لقوى خفية غيبية مجهولة ، أو بعبارة أخرى رموزا لأشياء إلهية مقدسة ، بل كأنما الآلهة هي التي أنجبتهم لحماية من حولهم بما يأتون من معجزات القوة والشجاعة ، وهي معجزات دفعت الناس إلى عبادتهم أحيانا كأنهم حقا آلهة بيدهم حياتهم وكل ما يحفظها عليهم من أسباب الرزق والبقاء.

ولم يقف العرب قديما ببطولتهم عند جانبها الحربي ، فقد اتسعوا بمعناها حتى شملت البطولة النفسية ، وهي بطولة أدت إلى كثير من الشمائل الرفيعة ، ومن ذلك الحلم ، وهو في والواقع التغلب على ثورة الغضب ، أو قل هو تغلب بطولي على النزق والطيش ، ومن ذلك الصبر على الشدائ ، وهو بدوره تغلب على الهلع والفزع إزاء المصائب واقتحام المعاطب ، وما قد ينزل من الخطوب والنوائب، والبطل لذلك لا يشكو، بل يتجرع الغصص في صمت محتملا إياها أقوى احتمال، ومن ذلك الحزم وهو بدوره تغلب على التردد في الرأي قبل أن تفلت فرصته من يد الشخص ، فهو يسلك الوجه الذي يجب أن يسلك، لا يفوته تدبيره في التو والساعة ، ومن ذلك ايضا الكرامة ، وهي بدورها تغلب على صغار النفس وشهواتها الوضيعة وانحراف الغايات الدنيا إلى الغايات السامية في إباء وشمم وأنفة وعزة ، وأي ضيم وأي هوان دونهما الموت الزؤام.

ومنذ أقدم العصور، شكّلت صورة "البطل" مَعلمًا مركزيًا في الوعي الجمعي للأمم ، ورمزًا للفضائل التي تسعى المجتمعات لترسيخها ، فالبطولة لم تكن يومًا مجرّد فعل جسدي في ميدان القتال ، بل كانت وعاءً تُسكب فيه القيم الكبرى ( الكرامة، الشرف، الحرية، والإخلاص للمبدأ ) وفي هذا السياق، تنوّعت تمثّلات البطل باختلاف الأزمنة والثقافات ، من "الفارس الجاهلي" في أدب العرب ، إلى "الجندي الإنساني" في زمن الحروب العالمية،

يحاول هذا المقال تقديم قراءة مقارنة بين البطولة في الأدب العربي، وبين تطوّر صورة البطل في أدبيات الحربين العالميتين الأولى والثانية.

أولًا: البطل عند العرب كما قدّمه شوقي ضيف في كتابه الفن ومذاهبه في الشعر العربي، يُبرز الدكتور شوقي ضيف كيف ارتبط مفهوم البطولة في المخيال العربي القديم بشخصية "الفارس الشاعر"، الذي يجمع بين القوة والمروءة والكرامة ، يرى ضيف أن عنترة بن شداد، مثلًا لم يكن مجرد محارب ، بل رمزًا للبطولة النبيلة، إذ يقول : كان الفارس العربي بطلًا لا لكثرة ما يقتل ، بل لما يحمله من مروءة وشهامة تجعله يحمي الضعيف ويجود بالنفس فداءً للكرامة." (ضيف، 1960) ثم ينتقل شوقي ضيف ليوضح كيف أن الإسلام أعاد تشكيل البطولة ضمن إطارها الأخلاقي والديني، فتحولت من مجرد نصرة القبيلة إلى الجهاد في سبيل الله ، وتحقيق العدالة ، ويستمر المفهوم بالتطور ليشمل في العصور اللاحقة البطولة الفكرية والأدبية ، حيث يصبح الشاعر أو المثقف صوتًا مقاومًا للاستبداد، كما في نماذج أمثال المتنبي أو أبي العلاء المعري .

ثانيًا: تحوّل المفهوم في الحروب العالمية ، مع اندلاع الحربين العالميتين، دخل مفهوم "البطل" مرحلة جديدة كليًا. لم يعد البطل هو من يهزم العدو فحسب، بل من يصمد في وجه آلة الحرب ، أو من يرفض الإذعان للشر، أو من ينقذ الآخرين رغم الخطر.

في هذه المرحلة ، ظهرت مفاهيم مثل:

• البطل الأخلاقي: من ينقذ الأبرياء، مثل أوسكار شيندلر الذي أنقذ مئات اليهود من المحرقة.

• البطلة المدنية: مثل صوفي شول، التي وقفت بوجه النظام النازي عبر المقاومة السلمية.

• البطولة النسائية: حيث لعبت النساء أدوارًا في التمريض، المقاومة، والعمل في المصانع، مثل فيرا بريتن ونانسي وايك.

ثالثًا: مقارنة بين البطولتين – جدلية السيف والقيم

رؤية شوقي ضيف للبطولة – القائمة على النبل ، المروءة ، والدفاع عن المبدأ – تتقاطع بشكل جوهري مع المفهوم الحديث للبطولة في الحروب العالمية ، رغم اختلاف السياق الزمني والثقافي، فكلا النموذجين يرفضان اختزال البطل في مجرد القوة الجسدية ، ويشتركان في التأكيد على القيمة الأخلاقية للفعل البطولي ، غير أن الفارق الأساسي يكمن في أن البطل العربي القديم كان فردًا قبليًا، يُعرّف من خلال سيفه وقصيدته، بينما البطل الحديث أصبح كيانًا إنسانيًا مقاومًا ، قد يكون جنديًا ، أو طبيبًا ، أو حتى كاتبًا يُشهِر قلمه في وجه القمع ، وبحسب Paul Fussell في كتابه The Great War and Modern Memo، فإن الحرب أفرزت "بطلًا جديدًا، لا يُقاس شجاعته بعدد الأعداء الذين قتلهم ، بل بقدرته على الاحتفاظ بإنسانيته وسط جحيم لا إنساني .

يظل "البطل" صورة رمزية متعددة الأوجه، تتلوّن بظلال العصر الذي تُصاغ فيه ، وما بين فارس الصحراء الذي يهتف بشعره في وجه الموت ، وجندي الحرب العالمية الذي يختبئ تحت القصف ويكتب في مذكرته قصيدة سلام ، تمتدّ خيوط البطولة لتجمع الإنسان في جوهره النقي.

إن المقارنة بين التحولات الحديثة لمفهوم البطل ، تكشف عن وحدة القيم الكبرى التي تسكن الإنسان في كل زمان: الكرامة، المقاومة، والحق في البقاء إنسانًيا ، وعندما يأخذنا شغف العلم الى مقارنة ما يتم مقارنته اليوم من اشكال السلوك قادة الحرب في صف المعاداة و بين صف المحاباة فأن نموذج البطل قد تم تغيبه عن المشهدية المعاشة واستحضار المشهدية المرتبطة في العبثية في الحرب والقتل لمجرد القتل فماذا قال احرار العالم عما تعرض له اليهود في ايام المحرقة التي ما زالت عالقة في الاذهان ، وابتزاز البطل الالماني (الجندي) الذي لا يقهر بعد مرور اكثر من نصف قرن ، وها نحن نعيش تجربة اكبر من تلك التجربة التي تجرعها ويتجرعها اهل غزة من حرق وتدمير منازاهم بوسيلة غير الوسيلة التي حرق بها اليهود ولكن محرقتنا في غزة اشد جحيما والعامل المشترك بين القديم والحديث هو ان الصهاينة اليهود فبعد ان كان مفعول بهم اصبحو فاعلين ولكن الفاعل بهم ليس اهل غزة ولكن اهل غزة يدفعون ثمن لا يمت بصلة لما تعرض له اليهود ، فان كانت الحروب العالمبة قد افرزت اربع انواع من البطولة فإن البطل الخامس هم اهل غزة وصمودهم البطولي بشكل جمعي.

حمى الله الوطن و سيجه بسياج العزة و الفخار وحفظ جلالة الملك وولي عهده الامين بحفظه انه نعم المولى ونعم النصير.

المراجع العربية: شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في الشعر العربي، دار المعارف، القاهرة، 1960.شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي: العصر الجاهلي، دار المعارف، القاهرة، 1959.

أجنبية: Fussell, Paul. The Great War and Modern Memory. Oxford University Press, 1975.

Keneally, Thomas. Schindler’s Ark. Hodder & Stoughton, 1982.

Dumbach, Annette, and Newborn, Jud. Sophie Scholl and the White Rose. Oneworld Publications, 2006.

Brittain, Vera. Testament of Youth. Victor Gollancz, 1933.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :