وانا استعرض تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية منذ ان انطلق الأجداد فرسان القبائل الذين نراهم على شاشات التلفزة في الأبيض والأسود الى جانب الشريف حسين والأمير عبد الله والأمير فيصل الأوائل، الذين قادوا الثورة العربية الكبرى، منذ جيل الطيبين الذين ساندوا في التأسيس لأمارة شرقي الأردن، منذ ان كانت القبائل تسكن بيوت الشعر، وبعض سكان القرى الفلاحية الوادعة في اعالي الجبال، منذ ان امتزج البدو في الفلاحين، منذ ان عانق الفرسان سنابل القمح، وعرفوا معنى الأرض، آمنت بأنه واهمٌ من يعتقد ان الأردن له شوكة ضعيفة، قابلة للانكسار.
منذ ذلك التاريخ وانا اتتبع نمو تطور الأردن، فأجد انه قد نشأ قويا رغم ضعفه وقلة موارده، الا انه له شوكة ردت الى الشرق الصبا، كما تقول فيروز في رائعة سعيد عقل.
واهمٌ من يعتقد بان الجيش العربي هو مجموعة من الافراد يقومون بدور تقليدي كجيوش كل دول العالم، ويمتهنون العسكرية من اجل العيش، فالجندية في الأردن لها طعم اخر ومذاق مختلف، الجندية تعني الشرف والكبرياء والعظمة، وتعني التاج الذي يعانق رؤوس النشامى، وذلك لان الذين انتسبوا الى الجندية تحولوا من فرسان محاربين الى مقاتلين نظاميين، فهم ينهلون من ثقافة الفروسية والغزو والحرب ثقافة أخرى مجبولة في تراب الأرض وعرق الرجال ودماء الاحرار، لذلك لا يعيبهم إن تطاول مارق او حاقد او ناقص يشعر بدونية تجاه الفرسان، فهذا شأنه وحده لا شأن الفرسان، فالفارس لا يلوي الى الوراء ولا يسمع الا نداء الواجب، ولا يلتفت الى ثغاء الخرفان.
ثم انه واهمٌ من يعتقد في هذا الزمن الأردني العصي على الاختراق، ان مجموعة من مقطوعي النسب والديار يمكن لهم ان يؤثروا في مسيرة وطن، فان كان هذا الوطن رحيما بهم، فلا يعني ذلك بان أصحابه ضعفاء، بل انهم كرماء، فإجارة الملهوف والدخيل والمضطر والهارب واللاجئ هي شيم عروبية قبلية صحراوية من عمق العروبة، تفرض على الكريم مداراة اللئيم، لا خوف، بل حبا في نيل الشرف والترفع عن الرذائل وسفهاء الناس، من هنا كان دأب الجيش العربي والأجهزة الأمنية والمخابرات العامة وكل من ينتسب الى هذا الوطن منذ ما قبل تأسيس الشرق العربي الأردني.
وأخيرا، واهمٌ من يعتقد ان جمال الأردن بجباله ووديانه وصحرائه وباديته وقراه يمكن لمجموعة من غثاة الناس ان يخدشوا جمال روحه، وعبير نسائمه، فالأردن سيبقى موئل الكرم والطيب والرجولة والفروسية والرجال الصادقين، ومحطة استراحة للعابرين واللاجئين الباحثين عن الامن والأمان الى حين عودتهم الى ديارهم...
حمى الله الأردن وأهله وقيادته الطيبين...
* باحث سياسي وقانوني
Saifmenwer0@gmail.com