نتنياهو .. أكاذيب رجل واحد أوقعت العالم في فخ الوهم
صالح الشرّاب العبادي
13-04-2025 09:35 AM
في عالم السياسة، لا يعد الكذب أمرًا غريبًا، بل أداة يستخدمها البعض لتزييف الحقائق وتوجيه الرأي العام. لكن أن يتحول الكذب إلى منظومة ممنهجة، وأن يقع تحت وطأته زعماء دول وقادة عسكريون وشعوب بأكملها، فهنا تصبح المسألة خطيرة وخارجة عن الإطار السياسي المعتاد ، بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، لم يعد مجرد سياسي محنك، بل بات في نظر كثيرين مهندسًا محترفًا للكذب والتضليل ، ما قاله الأسير الإسرائيلي عيدان ألكساندر – بأن ترامب وقع ضحية لأكاذيب نتنياهو – ليس سوى رأس جبل الجليد في سلسلة طويلة من الأكاذيب التي خدعت العالم.
لقد روّج نتنياهو منذ اللحظات الأولى لعدوانه الأخير على غزة، لروايات صادمة عن فظائع ارتكبتها المقاومة الفلسطينية، لعل أبرزها قصة قطع رؤوس الأطفال وتعليقهم على أحبال الغسيل، وهي رواية تلقفها الإعلام الغربي بتهافت، ورددها قادة دول كبرى، دون تحقق أو دليل.
الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه كرر هذه الرواية في خطاب رسمي، ثم ما لبث أن تراجع عنها بعدما نفت وسائل إعلام غربية – من بينها نيويورك تايمز وبي بي سي – صحة هذه المزاعم ، وها هو اليوم، دونالد ترامب، يعترف – وفقًا للأسير ألكساندر – بأنه كان ضحية لأكاذيب نتنياهو، تمامًا كما كان بايدن من قبله.
الأمر لم يتوقف عند الرواية الإعلامية، بل امتد إلى مفاوضات الأسرى. فقد خدع نتنياهو الوسطاء الدوليين والعرب لأشهر، حيث كان يرسل وفودًا لا تملك أي صلاحيات حقيقية للتفاوض، مما أفشل كل المبادرات الإنسانية ، كل هذا، بينما يظهر أمام شعبه والعالم بأنه يسعى لإعادة الأسرى، في حين هو يضحي بهم خدمة لأجندته السياسية.
ولعل الأخطر من ذلك، هو تضليله للرأي العام الإسرائيلي، فلطالما زعم أن الحرب هدفها القضاء على “حماس”، بينما تتكشف تدريجيًا اعترافات من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى عكس ذلك، وتكشف أن الحرب تُدار بلا رؤية واضحة، بل تخدم فقط بقاء نتنياهو السياسي.
أما على صعيد العلاقات الدولية، فقد بنى نتنياهو شبكة من الأكاذيب، تارةً باسم “السلام الإبراهيمي”، وتارة باسم “الخطر الإيراني”، وتمكن من خلالها من التغلغل في السياسات العربية ، وتأسيس علاقات اقتصادية وأمنية وحتى أسرية في بعض الحالات، مستغلًا وهم “التطبيع” كطوق نجاة له في كل أزمة يواجهها داخليًا.
إن اعتراف الجندي عيدان ألكساندر ليس مجرد شهادة شخصية، بل وثيقة دامغة على أن نتنياهو لا يكتفي بتضليل خصومه، بل يخدع أصدقاءه أيضًا، ويتلاعب بالقادة كما يتلاعب بالجمهور. لقد سقط ترامب ضحية لأكاذيب نتنياهو، كما سقط بايدن، والإعلام الغربي، والدول العربية، وحتى شعبه. آن الأوان للعالم أن يدرك أن أكاذيب رجل واحد، قد تكون كفيلة بإشعال حرب، وإفشال سلام، وقلب الحقائق رأسًا على عقب.