الذكاء الاصطناعي يضاعف من خطورة تزييف الفواتير
14-04-2025 09:03 AM
عمون - في ظل تسارع الابتكار التقني وتزايد الاعتماد على الأنظمة الذكية، بات الذكاء الاصطناعي يشكل عاملًا رئيسيًا في تعقيد مشهد الجرائم المالية، لاسيما في مجال تزييف المستندات، وعلى رأسها الفواتير والإيصالات المالية.
فمع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبحت عملية إنتاج مستندات مزيفة - سواء كانت فواتير، كشوف حسابات، أو إيصالات – سهلة إلى حد مذهل، وبدرجة إتقان تجعل من الصعب، بل أحيانًا من المستحيل، التمييز بين المزيف والأصلي بالعين المجردة أو من خلال أدوات التحقق التقليدية.
واقع خطير يهدد الشركات والأفراد
لم تَعُد عمليات الاحتيال المالي مقتصرة على الأساليب التقليدية، بل أصبحت تهدد مختلف الجهات، من المؤسسات الكبرى والشركات الناشئة، إلى الجهات الحكومية المعنية بالضرائب، وذلك عبر مستندات مالية تبدو وكأنها أصلية، يتم استخدامها لتقديم مطالبات استرداد أموال زائفة.
وتكمن الخطورة في قدرة أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة، مثل النماذج التوليدية الخاصة بالصور والنصوص، على إنتاج وثائق تتضمن تصاميم احترافية وخطوط دقيقة وعناصر بصرية توحي بالأصالة.
أرقام مقلقة وتداعيات واسعة
وفقًا لتقرير صادر عن جمعية محققي الاحتيال المعتمدين الدولية (ACFE) لعام 2024، تخسر المؤسسات نحو 5% من إيراداتها السنوية نتيجة الاحتيال المالي، وقد بلغت الخسائر المسجلة في 1,921 قضية أكثر من 3.1 مليارات دولار، يشكّل فيها الاحتيال عبر الفواتير والمصروفات نحو 35% من حالات اختلاس الأصول.
كما كشف استطلاع للرأي أُجري حديثًا أن 24% من الموظفين أقرّوا بارتكابهم تلاعبًا في نفقات العمل، في حين أظهر استطلاع آخر أن 42% من مسؤولي القطاع العام في المملكة المتحدة قدّموا في وقت ما مطالبات نفقات احتيالية.
الذكاء الاصطناعي: عامل تسهيل لا سبب مباشر
يشير الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يولد الدوافع أو المبررات للاحتيال، لكنه يزيد من فرص ارتكابه، عبر تسهيل إنشاء مستندات مزيفة بجودة عالية، وهو ما يفعّل أحد أضلاع "مثلث الاحتيال" الشهير، المتمثل في "الفرصة".
ومع تضاؤل الاعتماد على الإيصالات الورقية، التي كانت تتمتع بخصائص أمان مادية، أصبح اكتشاف التزييف الرقمي أكثر تعقيدًا، مما يستدعي تطوير أنظمة تحقق أكثر تقدمًا، تتجاوز الفحص البصري التقليدي.
البحث عن حلول رقمية ذكية
في مواجهة هذا التهديد المتنامي، ظهرت مبادرات مثل معيار "مصدر المحتوى وأصالته" (C2PA) الذي يهدف إلى توثيق أصل الملفات الرقمية عبر بيانات وصفية مشفّرة، إلا أن هذه المعايير ما زالت عرضة للتجاوز، خاصة مع إمكانية نسخ المحتوى بصيغ جديدة تفتقر إلى بيانات المصدر.
ويؤكد الخبراء على ضرورة تبني أنظمة تحقق متقدمة، تشمل الربط مع السجلات البنكية، وكشف أنماط الإنفاق غير الطبيعية، واستخدام تقنيات مثل البلوك تشين لتوثيق المعاملات.
ختامًا: ثقة النظام المالي على المحك
أمام هذا الواقع المتغير، يبقى السؤال الأبرز: كيف يمكن بناء أنظمة مالية تتمتع بالمرونة والذكاء اللازمين لمواكبة قدرات الذكاء الاصطناعي؟
إن استدامة الثقة في البيئة الرقمية لا تتطلب فقط تقنيات حماية متقدمة، بل تستوجب أيضًا وعيًا متجددًا وتعاونًا عالميًا لمكافحة التزييف المالي الذي أصبح أكثر تطورًا من أي وقت مضى.