ضارة أم مفيدة .. العلم يحسم الجدل حول القيلولة
23-12-2025 06:34 PM
عمون - لطالما تمت الإشادة بالقيلولة كأداة لتعزيز اليقظة وتحسين الحالة المزاجية وتقوية الذاكرة وزيادة الإنتاجية، ولكن بالنسبة للبعض، ربما تعيق القيلولة النوم ليلاً.
فبحسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، نقلاً عن موقع The Conversation، إن القيلولة سلاح ذو حدين إلا إذا تم التعامل معها بشكل صحيح، بحسب تالار مختاريان، أستاذة مساعدة في الصحة النفسية بكلية طب جامعة وارويك.
أوضحت مختاريان أن القيلولة تعد ممتازة إذا تم القيام بها بشكل صحيح، فهي وسيلة فعالة لإعادة شحن الدماغ وتحسين التركيز ودعم الصحة العقلية والجسدية، فيما حذرت من أنه إذا تم القيام بها بشكل خاطئ، فربما تجعل الشخص يشعر بالخمول والتشوش، ويجد صعوبة في النوم لاحقاً.
ويكمن السر في فهم كيفية تنظيم الجسم للنوم واليقظة.
وجبة الغداء والساعة البيولوجية
يشعر معظم الناس بانخفاض طبيعي في مستوى اليقظة في وقت مبكر من بعد الظهر، عادةً بين الواحدة والرابعة مساء. يرجع الانخفاض إلى تناول وجبة غداء دسمة، جنباً إلى جنب والساعة البيولوجية، أو ما يُعرف بالإيقاع اليومي، الذي يُنشئ دورات من اليقظة والتعب على مدار اليوم. وتُعدّ حالة الهدوء في وقت مبكر من بعد الظهر جزءاً من هذا الإيقاع، ولذلك يشعر الكثيرون بالنعاس في ذلك الوقت.
ضوء ساطع بعد القيلولة
وتشير الدراسات إلى أن قيلولة قصيرة خلال هذه الفترة - يُفضّل أن يتبعها تعرّض لضوء ساطع - يمكن أن تساعد في التغلب على التعب وتعزيز اليقظة وتحسين الوظائف الإدراكية دون التأثير على النوم في المساء. تسمح "القيلولات القصيرة" للدماغ بالراحة دون الدخول في نوم عميق، مما يُسهّل الاستيقاظ بشعور منتعش.
جانب سلبي
لكن هناك جانباً سلبياً يتلخص في أن القيلولة الطويلة جداً ربما تؤدي إلى الاستيقاظ بشعور أسوأ من ذي قبل. ويعود ذلك إلى "خمول النوم" - وهو الشعور بالدوار والتشوش الذهني الناتج عن الاستيقاظ خلال مراحل النوم العميق.
إن النوم لفترة طويلة جداً يُمكن أن يؤدي إلى الاستيقاظ بشعور أسوأ من ذي قبل. ويعود ذلك إلى "خمول النوم" - الشعور بالدوار والتشوش الذهني الناتج عن الاستيقاظ خلال مراحل النوم العميق. عندما تتجاوز مدة القيلولة 30 دقيقة، ينتقل الدماغ إلى مرحلة النوم العميق، مما يجعل الاستيقاظ أكثر صعوبة.
خمول لمدة ساعة
تشير الدراسات إلى أن الاستيقاظ من النوم العميق يُمكن أن يُشعر الشخص بالخمول لمدة تصل إلى ساعة. يُمكن أن يكون لهذا الأمر عواقب وخيمة إذا حاول الشخص بعد ذلك أداء مهام بالغة الأهمية للسلامة أو اتخاذ قرارات هامة أو تشغيل الآلات، على سبيل المثال. وإذا أُخذت القيلولة في وقت متأخر من اليوم، فربما تُقلل من "تراكم ضغط النوم" - وهو الدافع الطبيعي للجسم للنوم - مما يُصعّب النوم ليلاً.
حالات الضرورة
بالنسبة للبعض، تُعد القيلولة ضرورية. يُعاني العاملون بنظام المناوبات غالباً من اضطراب النوم بسبب جداول العمل غير المنتظمة، ويمكن أن تُعزز القيلولة في الوقت المناسب قبل نوبة العمل الليلية اليقظة وتُقلل من خطر الأخطاء والحوادث. وبالمثل، يُمكن أن يستفيد الأشخاص الذين يُعانون بانتظام من عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً - سواء بسبب العمل أو الأبوة أو غيرها من المتطلبات - من القيلولة لتوفير ساعات نوم إضافية تُعوض نقص نومهم.
الأشخاص الذين يُعانون بانتظام من عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً - سواء بسبب العمل أو الأبوة أو غيرها من المتطلبات - من القيلولة لتوفير ساعات نوم إضافية تُعوض نقص نومهم. ولكن يُعدّ الاعتماد على القيلولة بدلاً من تحسين النوم الليلي حلاً مؤقتاً وليس حلاً مستداماً. يُنصح الأشخاص، الذين يعانون من الأرق المزمن، عادةً بتجنب القيلولة تماماً، لأن النوم نهاراً يُمكن أن يُضعف رغبتهم في النوم ليلاً.
القيلولة المُخطط لها
تستخدم بعض الفئات القيلولة المُخطط لها كأداة لتحسين الأداء، حيث يُدرج الرياضيون القيلولة في جداول تدريبهم لتسريع استشفاء العضلات وتحسين المؤشرات الرياضية مثل سرعة رد الفعل والقدرة على التحمل.
تشير الأبحاث أيضاً إلى أن الأشخاص الذين يعملون في وظائف تتطلب تركيزاً عالياً، مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية وأطقم الطيران، يستفيدون من قيلولة قصيرة مُخطط لها للحفاظ على التركيز وتقليل الأخطاء الناتجة عن الإرهاق.
كيفية أخذ قيلولة جيدة
لأخذ قيلولة فعّالة، يُعدّ التوقيت والبيئة عاملين مهمين. يُنصح بأن تتراوح مدة القيلولة بين 10 و20 دقيقة لتجنب الشعور بالخمول. إن الوقت الأمثل هو قبل الساعة الثانية ظهراً، لأن القيلولة في وقت متأخر جداً يُمكن أن تُؤثر سلباً على دورة النوم الطبيعية للجسم.
وتعتبر أفضل ظروف لقيلولة جيدة في بيئة باردة ومظلمة وهادئة، تُحاكي ظروف النوم الليلي. يمكن أن تُساعد أقنعة العين وسماعات إلغاء الضوضاء، خاصة لمن ينامون في أماكن مُضاءة أو صاخبة.
ويبقى أنه على الرغم من فوائدها، فإن القيلولة ليست مناسبة للجميع. فالعمر ونمط الحياة وأنماط النوم الأساسية تُؤثر جميعها على ما إذا كانت القيلولة مُفيدة أم مُضرة. لذلك فإن القيلولة الجيدة تعتمد على التخطيط - معرفة متى وكيف، وما إذا كان ينبغي أخذ قيلولة من الأساس.