facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"الخدر القيادي" .. خطر صامت على أداء المؤسسات


د. ثابت النابلسي
15-04-2025 10:13 PM

في مشهد الإدارة العربية، وبخاصة في مؤسسات القطاع العام، تبرز ظاهرة مقلقة يمكن تسميتها بـ”الخدر القيادي ".

حالة من الجمود والسكون الذهني تصيب بعض القادة بعد فترة من تسلّمهم مواقع القرار، تجعلهم يبدون حاضرين شكلاً، غائبين فعلاً، لا يحفّزون، ولا يطوّرون، ولا يتحرّكون إلا وفق الروتين.

هذه الحالة، التي تتسلل بهدوء إلى سلوك القائد، تؤدي إلى إخماد جذوة الحماسة وروح التغيير، فتتحول الإدارة إلى ممارسة يومية باردة، تفتقر إلى الرؤية، والجرأة، والقدرة على التفاعل مع متغيرات الواقع ومتطلبات التطوير المؤسسي.

تأثير الخدر القيادي على المؤسسات …

حين يدخل القائد في هذه الدائرة، ينعكس ذلك سلباً على المؤسسة ككل: تتراجع الفاعلية، وتتكلّس القرارات، ويشيع الإحباط بين الموظفين، فيما يغيب التحديث وتضعف القدرة على التجاوب مع التحديات.

وفي بعض الدول، ومنها الأردن، يتجلى ذلك في حالة مؤسسات تراجعت فعاليتها رغم ضخ الميزانيات، وتغيير الخطط، لا لشيء سوى أن القيادة بقيت أسيرة التكرار، أو تم تعيينها على أساس الثقة لا الكفاءة.

دوامة التدوير العقيم وتبادل الأدوار …

المثير للسخرية أن بعض المؤسسات أصبحت مسرحاً لتدوير الوجوه ذاتها، حيث يتبادل القادة المواقع كما لو أنهم في لعبة كراسي موسيقية، فيتم إخراج المسؤول من مؤسسة فشل في قيادتها ليُعاد تدويره إلى موقع آخر، غالباً أكثر حساسية وأهمية، وكأن الفشل لم يكن سوى تدريباً على مستوى أعلى من الفشل!

ويبلغ المشهد ذروته عندما نرى مؤسسات وهيئات حكومية حيوية، يعتمد عليها كمصادر رئيسة في دخل الدولة أو كأذرع تنفيذية للسياسات العامة، تُسلَّم لقيادات أثبتت مراراً عدم كفاءتها.

هنا، لا يصبح الخدر مجرد حالة، بل يتحول إلى شلل مؤسسي تام، تتعطل فيه المبادرات، وتُقبر فيه الطموحات، ويُستنزف فيه المال العام تحت راية “الاستمرارية الإدارية .

اختيار القيادات… تكرار الخطأ لا يصنع نتائج مختلفة…

من وجهة نظر خبراء القيادة ، فإن الخلل لا يكمن فقط في القائد نفسه، بل في الجهات العليا التي تقوم بتعيينه. فاستمرار تعيين قيادات سبق أن ثبت ضعف أدائها في مواقع سابقة، هو تجاهل صارخ لقواعد التقييم المؤسسي، ووقوع في فخ تكرار التجربة مع توقّع نتائج مختلفة.

إن من أهم شروط تعيين القادة في مواقع المسؤولية هو دراسة سيرهم السابقة، ومراجعة أثرهم في مواقعهم السابقة بموضوعية لا مجاملة فيها، وإلا فإن النظام الإداري بأكمله سيدفع ثمن هذا الإهمال، عبر تراجع الأداء، وازدياد التداخلات، وتفشي اللامبالاة في المستويات الإدارية كافة.

هل هناك يقظة مؤسسية ومراجعة دائمة….؟ !

للخروج من هذا الواقع، تحتاج المؤسسات إلى تفعيل أدوات المساءلة والتقييم الحقيقي، وتشجيع القيادات على التطوير والتفاعل لا التكرار. ويكون ذلك عبر تدريب مستمر، واستطلاع دوري لآراء فرق العمل، وتدوير فعّال للقيادات يخلق بيئة تجدد ولا تتيح التكلس أو الركود.

كما أن من الضروري أن تكون لدى صناع القرار منهجية علمية واضحة في اختيار القادة، تراعي الأداء الفعلي، والكفاءة، والرؤية المستقبلية، لا أن تبقى رهينة للعلاقات، أو التصورات الشخصية.

وخلاصة القول… الخدر القيادي ليس أزمة شخصية، بل أزمة نظام إداري بأكمله حين يتغافل عن تقييم قياداته أو يكرر تعيين من أخفقوا سابقاً. لذلك، فإن نهضة الإدارة في منطقتنا تبدأ من اليقظة في الاختيار، والمحاسبة في الأداء، والجرأة في التغيير. فالمؤسسة لا تنهض بالخطب والبيانات، بل بقيادة حيّة، واعية، متجددة، تعي أن بقاءها في موقعها مرهون بقدرتها على خلق الفرق لا البقاء في الظل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :