الجريمة ظاهرة اجتماعية قديمة قدم البشرية منذ ان قتل قابيل اخوه هابيل وهما ولدي ادم عليه السلام ، لكنها تتطور مع تطور المجتمعات ، فهي ليست ثابتة ، بل تتغير في أشكالها وأسبابها وحتى في أساليب مكافحتها ، سنتناول في هذا المقال مفهوم الجريمة وتعريفها و أسباب انتشارها ، و تطورها عبر الزمن، وتأثير التكنولوجيا على الجريمة، فالجريمة هي أي سلوك مخالف للقوانين والأعراف الاجتماعي ، يسبب ضررًا للأفراد أو المجتمع ، ويستوجب العقاب ، و يمكن أن تكون الجريمة مادية مثل السرقة والقتل ، أو غير مادية مثل الاحتيال الإلكتروني والتشهير.
وتطورت الجريمة عبر الزمن ، فكانت الجريمة في العصور القديمة تتعلق بالبقاء مثل القتل من أجل الغذاء أو الصراع على الموارد لم تكن هناك قوانين مكتوبة ، بل كان العقاب يعتمد على العادات والتقاليد، مثل الثأر أو النفي ، اما في العصور الوسطى ، فقد تطورت المدن والدول ، أصبح هناك قوانين تحكم الجرائم، في أوروب انتشرت عقوبات قاسية مثل الإعدام والتعذيب ، وكان القانون يُطبق بصرامة لمنع الفوضى ، ومع ظهور المدن الصناعية بدأ العصر الحديث ، و زادت الجرائم الاقتصادية مثل السرقة والاحتيال، وظهرت عصابات منظمة تدير أنشطة غير قانونية مثل التهريب والمخدرات ، كما بدأ تطبيق قوانين حديثة تعتمد على التحقيق العلمي والأدلة الجنائية، و اليوم، يشهد العالم جرائم جديدة تمامًا ، مثل الاختراق الإلكتروني، والاحتيال عبر الإنترنت ، وجرائم الابتزاز السيبراني ، وقد أصبحت التكنولوجيا أداة للجريمة، ولكنها أيضًا وسيلة فعالة لمكافحتها، حيث تستخدم الشرطة تقنيات الذكاء الاصطناعي وكاميرات المراقبة لمتابعة الجرائم، فقد اشارت احصاءات الجنائية في مدرية الامن في الاردن الى ان عدد الجرائم التي وقعت في عام 2022، بلغت 22,895 جريمة و عدد الجرائم الكلي في عام 2023، فقد تم تسجيل 22,784 جريمة في المملكة، مقارنة بـ22,895 جريمة في عام 2022، مما يشير إلى انخفاض طفيف بنسبة 0.48%.
كما بلغ معدل الجريمة في عامي 2022 و2023 حوالي 20 جريمة لكل 10,000 نسمة ، أي ما يعادل 200 جريمة لكل 100,000 نسمة.، وجرائم القتل في عام 2022، بلغ معدل جرائم القتل حوالي 1.1 جريمة لكل 100,000 نسمة، وهو أقل بكثير من المعدل العالمي البالغ 7.6 جريمة لكل 100,000 نسمة ، بشكل عام، تُظهر هذه الأرقام أن معدلات الجريمة في الأردن منخفضة نسبيًا مقارنة بالمعدلات العالمية ، مما يعكس مستوى الأمان والاستقرار في المملكة.
اما عن أنواع الجرائم التي وقعت في الاردن فكانت:
•الجرائم الواقعة على الأموال: تصدرت القائمة بـ15,276 جريمة في عام 2023.
•الجرائم الواقعة على الإدارة العامة: سُجلت 2,627 جريمة.
•الجرائم التي تشكل خطراً على السلامة العامة: بلغت 1,723 جريمة.
•الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة: سُجلت 1,312 جريمة.
•الجرائم الواقعة على الإنسان: بلغت 1,237 جريمة.
•جرائم المخدرات: شهدت ارتفاعاً بنسبة 25.21% في عام 2023، حيث تم تسجيل 22,956 جريمة مخدرات، مقارنة بـ18,334 جريمة في عام 2022، وهذا يؤشر الى مدى خطورة الامر ، وهذا ما يشكل تحدي امام الجهات الامنية و الجهات التربوية في البلاد وجهات الضبط الاجتماعي ، وقبل ذلك الجهات التشريعية .
اما عن أسباب انتشار الجريمة ، فهناك عدة نظريات تبحث في اسباب الجريمة و على رأسها النظرية السببية ، ويتربع الفقر والبطالة على اول المسببات ، فالحاجة المادية تدفع البعض لارتكاب الجرائم مثل السرقة والاحتيال ، ثم يأتي في المرتبة الثانية ضعف الوازع الديني والأخلاقي غياب القيم والمبادئ يؤدي إلى تجاوز القوانين بسهولة ،وفي المرتبه الثالثة ياتي الاضطرابات الاجتماعية والسياسية ،فالحروب والصراعات تخلق بيئة مناسبة لتفشي الجريمة،اما تطور التكنولوجيا فيأتي في المرتبة الرابعه و الاخيرة ، حيث سهلت الإنترنت جرائم مثل التجسس الإلكتروني والاحتيال المالي والجرائم السبرانية..الخ .
ومن المهم ان نتسأل كيف نواجه الجريمة؟ وفي الحقيقة ان هناك عدد كبير من البدائل و الخيارات وذلك بحسب نوع الجريمة و المجتمع المستهدف ، ومن المهم ان نعرف ان اي فعل لم ينص القانون او العرف السائدعلى تجريمه لا يعد فعلا مجرم ،وكل فعل يتم تجريمه فان المشرع بالضرورة يضع لة عقوبه تتناسب مع هذا الفعل ، فكلما كان الفعل قاسيا ويشكل ضرر كبير تكون العقوبة اشد ، اذن من المهم تعزيز القوانين ، ويعد سن قوانين صارمة تتماشى مع تطور الجريمة وشدتها على المجتمع يسهم في الحد من الجريمه، ثم التوعية والتربية، تعد نشر ثقافة القانون والوعي بأضرار الجريمة عبر المدارس والإعلام وخطب الجمعه و الكنائس يسهم في الحد من الجريمه ، تبني مشاريع تنموية تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي ، و ذلك لتوفير فرص عمل وتقليل الفقر يساعدان في تقليل الجرائم المرتبطة بالحاجة المالية، و يأتي تطوير أنظمة المراقبة والأمن و استخدام الذكاء الاصطناعي وكاميرات المراقبة للتنبؤ بالجرائم ومنعها ، والجريمة لن تختفي تمامًا، فهي تتطور مع تطور المجتمعات ، و الحل ليس فقط في العقاب ، بل في الوقاية والتوعية وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
اما عن الجرائم التي يشهدها الاردن والعالم في الاونة الاخيرة، والتي تعد في بعض المجتمعات اعمال بطولية ، اي انها تندرج تحت قائمة اعمال المقاومة ، تقول العرب ( من لا يرى من خلال الغربال اعمى) و من خلال الرجوع الى ارشيف العمل السياسي والسيادي في اي دولة ، نجد ان هنالك تعارض واضح ما بين الدولة وحملت السلاح من غير اجهزة الدولة المسلحة ، ولنا العبرة في لبنان حيث يوجد سلاحان واحد للدولة وواحد للمليشيات تحت اي مسمى ونحن في الاردن عشنا ذات يوم في دولة ثنائية السلاح والتي جرتنا مع الاسف الى احداث السبعين التي نأسف على حدوثها وهذه صيغة لا مفر منها ، ويجب ان يكون السلاح فقط وحصرا في يد الدولة الاردنية داخل حدود الوطن مهما كان التنظيم الذي اشرو عليه اسلاميا او غير اسلامي ، والاصل ان لا توجد في الوطن بندقية غير بندقية الوطن و في يد ابن الوطن، ومن المحرمات الاردنية ان تكون البنادق والرشاشات والصواريخ والطائرات المسيرة بغير ايدي الاردنيين وابناء السلاح في الجيش العربي الاردني والاجهزة الامنية ، فسلام على قواتنا المسلحة الباسلة ، واجهزتنا الامنية المظفرة والويل والثبور لاعداء الوطن وخفافيش الظلام.
حمى الله الاردن وسدد على طريق الخير و الفلاح خطاه وحفظ الله لنا مليكنا الغالي وولي عهده الامين ومبارك علينا يوم العلم في يوم العلم.