facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجدار الإسرائيلي على حدود الأردن: إسرائيل تبني حدودها بالحديد


صالح الشرّاب العبادي
20-04-2025 12:54 AM

في لحظة إقليمية ملتهبة، ومناخ دولي متحول، تعلن إسرائيل نيتها بناء جدار عازل جديد يمتد على طول حدودها مع المملكة الأردنية الهاشمية، بطول يبلغ حوالي 425 كيلومترًا من هضبة الجولان إلى إيلات ، هذا الجدار، الذي تروج له الرواية الرسمية الإسرائيلية على أنه “إجراء أمني استباقي” لمنع التهريب وضبط الحدود، لا يمكن عزله عن سياقه الجغرافي والسياسي، ولا عن تاريخه الاستعماري الممتد منذ نكبة فلسطين الأولى.

الموقع الذي اختارته إسرائيل للجدار ليس عشوائيًا، بل هو امتداد لتصور استراتيجي يعمل على تغيير الواقع الجغرافي في الضفة الغربية والمنطقة المحيطة بها بشكل جذري ، الجدار يبدأ من منطقة إيلات جنوبًا، مارًا بغور الأردن وحتى الجولان شمالًا، ويغلق فعليًا أي منفذ جغرافي يربط الضفة الغربية بعمقها الأردني والعربي، في حالة تنفيذه، ستكون الضفة محاصرة تمامًا بين جدارين: الجدار الغربي الذي أقامته إسرائيل داخل أراضي الضفة، والجدار الشرقي الجديد على حدود الأردن، في عملية تطويق مزدوجة تستهدف تحويل الأراضي الفلسطينية إلى “معازل بشرية” بلا اتصال، ولا أفق سياسي.

العمق الإسرائيلي بين البحر المتوسط والضفة الغربية هو نقطة حساسة لطالما تم توظيفها في الخطاب الأمني الإسرائيلي ، ففي بعض مناطقه لا يتجاوز هذا العمق أربعة عشر كيلومترًا فقط، مما يجعل إسرائيل تشعر بما تسميه “الخاصرة الضيقة” ، لكن الرد على هذا التحدي الأمني لا يكون عبر توسيع حدود السيطرة وابتلاع الأراضي، بل من خلال اتفاقيات سلام عادلة تحفظ الحقوق وتبني الأمن الجماعي. إسرائيل، عوضًا عن ذلك، تتجه نحو حفر خندق جيوسياسي عميق يفصلها تمامًا عن محيطها، لكنها في ذات الوقت تفصل الفلسطينيين عن العالم، وتقطع شرايين الأمل في بناء دولتهم.

الأردن، خط المواجهة الأول والأقرب والأكثر تماسًا مع الضفة الغربية، يتأثر مباشرة بهذا المشروع، ليس فقط من الناحية الأمنية، بل من حيث السيادة والتوازن الإقليمي ، الجدار المرتقب هو تعدٍّ واضح على روح معاهدة السلام الموقعة بين الطرفين عام 1994، ويثير تساؤلات حول مدى احترام إسرائيل لالتزاماتها ، كما أن هذا الجدار من شأنه أن يُحدث تغييرًا في الواقع الحدودي الفعلي، وقد يُستخدم مستقبلًا كأداة لإعادة ترسيم الحدود من جانب واحد،وتغيير في مجاري المياه ومنابعها ، ما يُهدد الاستقرار الحدودي ويقوّض أحد أعمدة السلام في المنطقة.

على الجانب الفلسطيني، فإن الجدار الجديد يُنذر بكارثة وطنية ، فهو ليس مجرد حاجز من الإسمنت والحديد، بل هو وسيلة لعزل الفلسطينيين تمامًا عن امتدادهم العربي، ولفرض واقع أمني متطرف يصعّب كل أشكال الحياة والتواصل والتنمية ، إنه مرحلة متقدمة من مشروع الضم المباشر التدريجي، وإنهاء حل الدولتين بصورة عملية، وفرض منطق السيطرة الكاملة دون أي نية لقيام كيان فلسطيني مستقل ، وبالتالي هو بداية لعملية تهجير قصري وطوعي للشعب الفلسطيني، بالحشر وبالتالي ، بالاحتلال والقتل والتدمير والتهجير على مراحل ..
ماذا يعني بناء الجدار ؟

•فصل جغرافي كامل بين الأردن والضفة الغربية.

•خنق الفلسطينيين سياسيًا واقتصاديًا، ودفعهم نحو التهجير القسري خارج فلسطين.

•إسقاط فعلي لحل الدولتين، وتكريس السيطرة الإسرائيلية على كامل فلسطين التاريخية.

• فقدان العمق الاستراتيجي الجغرافي والبشري لكلا الجانبين او الطرفين الفلسطيني للأردن والأردني لفلسطين والضفة الغربية تحديداً ..

• فقدان العمق الاستراتيجي للوطن العربي خاصة البعد السياسي .
• تأمين العمق الاستراتيجي لدولة الاحتلال وخاصة بتوسيع الخاصرة الضيقة لها باحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وتوسيع الاستيطان.

• الجدار هو بمثابة فصل كامل للمقدسات الإسلامية مهوى افئدة المسلمين لأولى القبلتين والمسيحيين لكنيسة المهد ، وتقويض للحق التاريخيّ للوصاية الهاشمية على المقدسات .

ما المطلوب الإن ؟

1.تحرّك أردني عاجل لعرض المسألة على الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
2.تحالف فلسطيني-أردني مشترك لإعداد ملف قانوني يُرفع إلى محكمة العدل الدولية.
3.ضغط شعبي وإعلامي عربي ودولي لتسليط الضوء على خطورة الجدار الجديد.

4.فتح قنوات مع المجتمع الدولي لتوضيح تبعات الجدار على الاستقرار الإقليمي

5. ان تقوم الدول العربية بعقد قمة عربية عاجلة تصدر عنها قرارات صارمة برفض الجدار الحدودي المنوي إقامته على الحدود الأردنية .

6. ⁠ان تقوم المنظمات الدولية الفاعلة وتضطلع بمسوليتها التنفيذية لرفض بناء الجدار .

7. ⁠التوجه إلى الدول الاوروبية وخاصة دول الاعضاء في مجلس الامن وكذلك الصين وروسيا من اجل وضع ثقل دولي سياسي لمنع اقامة الجدار ورفضه.

الجدار هو خنق الضفة حتى الرمق الاخير ، فإسرائيل تبني حدودها بالحديد… وتغلق باب الدولة الفلسطينية ، وتغلق منفذ الحرية الوحيد ، وهو إعلان موت لحل الدولتين ومشروع احتلال جديد بثوب أمني ويقلب موازين الإقليم ويطوّق فلسطين ويفكّك اتفاقيات السلام ، حيث تتحول الضفة من الأسوار إلى العزل الكامل بإعلان متطرف يسرق الجغرافيا وأمل الحرية والكرامة .

أبعد من ذلك، فإن الجدار يمثل ضربة موجهة إلى المنظومة الدولية برمّتها، وتحديًا صارخًا لقرارات مجلس الأمن، ونسفًا لمرجعيات التفاوض، لا سيما مبادرة السلام العربية التي ربطت الاعتراف بإسرائيل بانسحابها إلى حدود 1967 ، فهل يعقل أن يُبنى جدار على حدود رسمتها معاهدة دولية دون حتى احترام القانون الدولي والترتيبات الأمنية التي نصت عليها اتفاقيات أوسلو ؟ وهل يمر هذا السلوك العدواني دون موقف عربي واضح أو رد دبلوماسي صارم؟

المؤسف أن هذا المشروع يُنفذ في لحظة من الصمت الإقليمي، والتراخي الدولي، وانشغال العالم بأزماته الداخلية ، لكنه مشروع سيبقى محفورًا في الذاكرة الجماعية للشعوب، لا كجدار حماية، بل كرمز لعنصرية معلنة، وسجن جغرافي كبير يُخنق فيه الفلسطيني وتفصل فيه الأردن عن دورها التاريخي كشريك وشاهد على الحق ، الجدار ينهي العمق الاستراتيجي والسياسي للفلسطينيين مع الأردن والعمق الاستراتيجي البشري والسياسي للأردن مع فلسطين.

اليوم، لم يعد الصمت مقبولًا ، فالجدار الإسرائيلي المرتقب ليس شأناً داخليًا، بل قضية تمس الاستقرار الإقليمي، وتدق ناقوس الخطر أمام تحولات عميقة قد تُطيح بما تبقى من إمكانية للتسوية، وتعيد المنطقة إلى زمن الصراع المفتوح .

إن واجب الإعلام، والمثقفين، والقيادات السياسية، أن يرفعوا الصوت، ويكشفوا حقيقة هذا المشروع أمام الرأي العام العالمي، وأن يعيدوا البوصلة نحو القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر كل ما يجري.

الجدار ليس مشروعًا هندسيًا، بل مشروع هيمنة وسيطرة ، وبهذا الحاجز، تكون إسرائيل قد أحاطت نفسها بجدران من الخرسانة والعنصرية، فيما يُترك الفلسطينيون يواجهون مستقبلًا مجهولًا، تتقلص فيه فرص السلام وتتعاظم فيه نُذر المواجهة.

إنه جدار ضد الحياة… وضد العدالة.

فالجدار، أيًا كان طوله وارتفاعه، لا يستطيع أن يحجب عدالة الأرض، ولا أن يوقف نبض شعب يطالب بحريته منذ أكثر من سبعة عقود.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :