حين يسقط القناع عن منظمات العمل الانساني
سامي شريم
20-04-2025 12:30 PM
لطالما رفعت منظمات العمل الانساني شعارات براقة تحدثت عن الدفاع عن الكرامة الانسانية عن حماية المدنيين عن دعم المرأة عن حقوق الطفل عن مناهضة العنف عن بناء السلام عن العدالة والحرية في كل بقعة من العالم صدق الناس ذلك وظنوا ان هذه المنظمات هي الحارس الاخلاقي لهذا الكوكب وانها فوق الحسابات السياسية وانها ستكون صوت المظلوم في وجه الظالم لكن كل شيء انهار حين دخلت المصالح من الباب الخلفي وحين صار القاتل حليفا وصاحب تمويل سقطت كل الشعارات وظهر الوجه الحقيقي للمنظومة.
في اوكرانيا تحركت المنظمات خلال ساعات اقيمت خيم الاغاثة على الحدود وفرت الدعم النفسي للاجئين تحرك الاعلام العالمي ليل نهار ليحكي قصص الضحايا وزعت الاعتمادات المالية بسخاء وتحركت الحكومات الغربية لدعم الانسانية كما قالوا في المقابل حين قصف قطاع غزة لم يتحرك احد لم ترسل اغاثة لم تفتح المعابر لم يسمح حتى بمرور المساعدات الانسانية ظل العالم يتفرج والمنظمات تهمس بالحياد وكأن دماء الاطفال هناك ارخص وكأن الامهات هناك لا يستحقن الدعم لم تتجرأ منظمة واحدة على اتهام المعتدي بل ساوت بين الجلاد والضحية في بيانات خجولة لا تليق بحجم الكارثة.
في بورما احرقت قرى كاملة لم يتحرك العالم وفي اليمن جاع الناس حتى الموت ولم تفتح ممرات انسانية ولم تفرض اي عقوبات على من تسببوا بذلك بينما اذاعت منظمات اخرى تقارير طويلة عن التأثير النفسي على النساء في مناطق النزاع ونسيت ان هناك من لم يجدوا ماء او خبزا او سريرا ينامون عليه.
اين كانت تلك المنظمات حين غرق المهاجرون في البحر المتوسط هربا من الحروب التي غذتها السياسات التي تدعمها دول الممولين اين كانت حين مات الاطفال في مخيمات اللاجئين بسبب البرد والجوع لماذا تنشط فقط حين تكون الضحية اوروبية او حين يكون المعتدي عدوا سياسيا.
سقط القناع نعم سقط حين اعتبرت الانسانية مسألة نسبية وحين صار الصمت فضيلة وحين تحول الدفاع عن الحقوق الى جريمة سياسية الانسانية الحقيقية لا تعرف اللون ولا الدين ولا الجغرافيا الانسانية هي الانحياز للضعيف دون حسابات الانسانية هي الصراخ في وجه الظالم لا انتظار موافقة من الممول الانسانية لا تحتاج مؤتمرات ولا شعارات بل تحتاج قلبا حيا وضميرا لا يخون.
والعالم اليوم لا يعاني من نقص في المنظمات بل من نقص في الصدق يعاني من مؤسسات تلبس ثوب الرحمة وتخفي خنجرا من الجبن يعاني من منظمات اختارت ان تحفظ موقعها بدل ان تحمي الانسان حين يسقط القناع لا يبقى من المجد الزائف شيء بل يتعرى الزيف وتظهر الحقيقة واضحة ان الكثير مما كنا نظنه نضالا لم يكن سوى تجارة مغلفة بورق.