بدك العنب ولا تقاتلي الناطور
د. بثينة البيطار
20-04-2025 04:07 PM
بسمِ اللهِ الرحمٰنِ الرحيمِ
أمّا بعد…
قالَ لي جدي في مرةٍ بجلسةٍ كنتُ بها بالِغَةَ الرُشدِ ولستُ سفيهةَ العقلِ؛ "بدك العنب ولا تقاتلي الناطور؟"، قالها جدي يُرسِّخُ في قلبي أن حربَ النّاطورِ لن يجعلَ العنبَ حُلوَ المذاقِ بفاهي!
ولعلّهُ ودَّ لو يُخبرني أنَّ تكلفةَ العنبِ من غيرِ سرقةِ النّاطورِ أهونُ من أن أُقاتلهُ بِلا جدوًى وأقلُ تكلفةً…
أيّها السادةُ...
حربُها خاسرةٌ!
حربكم الباردةُ بأسلحةِ استهدافِ الغيرِ وجعلهِ المذنبَ حتى تشعرَ بلِذَّةِ أنكَ غيرُ مقصِّرٍ خاسِرَةٌ!
هذهِ حربٌ خاسِرَةٌ!
دعكَ أخي من حربِ ماذا فعلَ ذاك وانظر إلى نفسك ماذا فعلت!
واللهِ يا أخي أنَّ لمستكَ الحانِيَةَ على ظهرِ أخيكَ فتأخذهُ ونفسكَ بها إلى الجنّةِ أرقى وأصدقُ عندَ اللهِ من دفشةِ لسانٍ تجرفكَ وحدكَ إلى النارِ بِلا وعيٍّ!
إيّاكَ وأن تجعلَ ذنوبَ الآخرينِ سببًا في تبريرِ ذنوبكَ بحُجَّةِ أنّها أقلُ!
وإن كانَ لا بدَّ من المقارنةِ؛ فقارن نفسكَ بالأفضلِ والأقربِ إلى اللهِ!
حربنا في الدنيا لربّما نكونُ جمعًا بها، ولكن حسابنا فرادًى يا أخي!
حينما تصلُ إلى الجنَّةِ -بإذنِ الله-، وتسألُ حينها أينَ أصحابي؟! فتجِدُ ذاكَ ولا تجِدُ الآخرَ، ألن يُشعِركَ الأمرُ بتأنيبِ الضميرِ بعدَ أن لم تكن سببًا في هدايته؟!
ثم أمّا بعد، يدخلُ الجنّةَ واحدٌ من كلِ ألفٍ، بقولُ الحبيبُ المصطفى صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ
"يأمرُ اللهُ يومَ القيامةِ، يدعو اللهُ آدمَ يومَ القيامةِ، فيقولُ اللهُ لآدمَ يومَ القيامةِ: ابعث بعثَ النارِ، فيقولُ: يا ربي ما بعثُ النار؟ قالَ: من كلِ ألفٍ تسعمائةٍ وتسعةٌ وتسعونَ في النّارِ، وواحدٌ في الجنّةِ"
فخُذ بيدهم إلى الجنّةِ ولا تدفعهم بذنوبهم إلى النّارِ!
قالَ الدكتورُ أحمد خالد توفيق في كتابٍ لهُ "مِن متجرِ علاجِ الإكتئابِ"
"كلُ البلدةِ تُمارسُ الخطيئةَ وتنافقُ وتكذبُ، لكنهم جميعًا لا ينسونَ أن يشتِموا موران لأنَّ هذا يُشعرهم بأنهم أفضلُ!"
وأنا أقولُ لكَ لا تجعل من ذنوبِ النّاسِ مُبرِّرًا لذنوبكَ؛ فتقولُ في عقلكَ…
الكذبِ أقلُّها ليسَ كالسرقةِ!
على الأقلِ أُصلّي حتى وإن كنتُ أقطعُ فغيري لا يُصلّي!
تذكَّر حسابُ الرحمٰنِ لنا فرادًى..
خُذ بيدِ أخيكَ إلى الجنّةِ..