facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خلايا الإرهاب .. قضية قضائية لا تقبل التعميم ولا التساهل


م. وائل سامي السماعين
22-04-2025 08:02 PM

شهد الأردن مؤخرًا كشف خلايا إرهابية مرتبطة بالخارج كانت تخطط لأعمال إجرامية تهدد أمن الوطن واستقراره، من بينها محاولة تصنيع صواريخ داخل الأراضي الأردنية. هذا الحدث الخطير يعيد إلى الواجهة أهمية الفصل الصارم بين المحاسبة الفردية القضائية، والتعميم المرفوض الذي يطال جماعات أو أحزابًا بكاملها دون دليل قانوني.

وبالرغم مما يُؤخذ على جبهة العمل الإسلامي من مواقف أو تصريحات، يبقى حزبًا أردنيًا مرخصًا يعمل ضمن الإطار الدستوري والقانوني. وأي مخالفة للقانون تصدر عن أفراده، أو عن من يتطاولون على رموز الدولة ويكيلون الشتائم للأجهزة الأمنية والجيش، يجب أن تُواجَه بحزم ووفق الأطر القانونية والقضائية، دون انتقائية أو استثناء، ودون استخدام هذه الأحداث ذريعة لضرب التعددية السياسية أو خنق التنوع الفكري المشروع.

إن الإرهاب، بغض النظر عن الجهة التي تقف خلفه، هو جريمة مكتملة الأركان موجهة ضد الدولة والمجتمع. ويجب أن يُواجَه بأدوات الدولة القانونية، لا بلغة التخوين والتشهير والاتهامات السياسية الجاهزة. فالمبدأ في دولة القانون والمؤسسات هو أن يُحال كل متهم إلى القضاء، وأن تُحسم التهم بالأدلة والبراهين، لا بالشعارات أو التعميمات المضللة.

نعم، لا تهاون مع من يثبت تورّطه بالتخطيط أو التمويل أو التحريض، سواء كان فردًا أو مجموعة، ولكن من الخطأ الجسيم تحميل تيارات سياسية كاملة مسؤولية جرائم دون أدلة دامغة تربطها مباشرة بالفعل الإرهابي.

ما قامت به أجهزتنا الأمنية من كشف وإحباط لهذه المخططات هو عمل وطني يُسجّل لها بكل فخر، ويؤكد يقظتها واحترافيتها. ولكن في الوقت ذاته، يجب التنبه إلى أن استثمار مثل هذه الأحداث للتضييق على الحريات أو تصفية الخصوم السياسيين، يُضعف الجبهة الداخلية بدل أن يعزّزها. فالأمن لا يتحقق إلا بالتوازن بين هيبة القانون وضمان حرية التعبير المسؤولة.

فالإنسان الأردني، منذ نشأة الدولة، كان صاحب فكر مستنير وعدالة متجذّرة، لا تنبع فقط من منظومة التعليم المتقدمة التي امتدت لأكثر من مئة عام، بل من منظومة القيم الاجتماعية والعشائرية التي تقوم على الإنصاف، وحماية المظلوم، واحترام القانون. هذه الخصوصية الأردنية هي ما حافظت على تماسك الدولة في أصعب المراحل، ورسّخت مكانة الأردن كدولة قانون ومؤسسات في محيط مضطرب.

ختامًا، إن مواجهة الإرهاب لا تكون بالشعارات ولا بالمناكفات الإعلامية، بل بالعدالة والإنصاف، وببناء جبهة داخلية صلبة، موحّدة، تُدرك أن الولاء للوطن لا يتناقض مع النقد البنّاء، وأن العدو الحقيقي هو من يعبث بأمن الأردن واستقراره، لا من يختلف معنا في الرأي.

وفي هذا السياق، بات من الضروري وضع برامج واستراتيجيات وطنية تنمّي الانتماء وتعزز الهوية الأردنية الجامعة، خاصة في ظل تصاعد خطابات الإساءة للأجهزة الأمنية والجيش العربي – حماة الوطن، إن ما نسمعه من بعض الشباب المولودين في الأردن ومن أبناء الأردنيين في الداخل، يطرح تساؤلات مقلقة حول مفاهيم الانتماء والمسؤولية.

ولعل الوقت قد حان لإعادة تفعيل "خدمة العلم" الإلزامية لمدة سنتين، تشمل خريجي الجامعات من الشباب والشابات المقيمين في الأردن، دون أن تطال الأردنيين في الخارج، بهدف ترسيخ قيم الانضباط والانتماء الوطني.

إن الأردن، بقيادته الهاشمية ومؤسساته الراسخة، سيبقى واحة أمن واستقرار وديمقراطية في الشرق الأوسط، وقدر الأردنيين أن يحافظوا على هذا النموذج الفريد، من خلال ترسيخ العدالة، وصيانة التعددية، وبناء وطن لا يُقصي أحدًا ولا يتسامح مع من يتآمر عليه.

*المهندس وائل سامي السماعين
waelsamain@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :