بيان حماس .. محاولة اقتحام فاشلة لأسوار السيادة الأردنية
دعاء الزيود
23-04-2025 12:50 PM
في خضم عتمة الأزمات التي تحيط بها، اختارت حركة "حماس" أن تصرخ في الاتجاه الخطأ، متوهمة أن الأردن ساحة مباحة لتجريب بياناتها الرنانة. البيان الأخير الصادر عن الحركة لا يرقى إلى خطاب سياسي، بل أشبه بمحاولة اقتحام فاشلة لأسوار السيادة الأردنية، مغلّفة بعبارات لا تعكس سوى اضطراب الداخل الفلسطيني وانفلات البوصلة التنظيمية.
أن تطالب "حماس" بإطلاق سراح من تورطوا في قضايا تمس أمن الأردن، فهذه ليست مطالبة إنسانية ولا رأياً سياسياً... بل تطاول صارخ على مؤسسة قضائية ذات ولاية، ودولة تُحكم بالدستور، لا بالبيانات الفصائلية ولا بالمزايدات التي تسقط عند أول اختبار وطني.
ما لا تفهمه "حماس" – أو تتجاهله عمداً – أن الأردن ليس منصة تمر منها المشاريع العابرة، ولا بوابة خلفية لتصفية الحسابات. الأردن دولة تُدار بعقل الدولة، وتُحكم بإرادة لا تخضع للابتزاز، ولا تُدار من الخارج. ومَن لم يقرأ التاريخ جيداً، فليقرأه من بوابة الكرامة، لا من فتات المؤتمرات والشعارات.
إن البيان ليس فقط تدخلاً مرفوضاً، بل محاولة لإعادة تدوير خطاب سياسي بائد، سقط في أعين الأردنيين منذ زمن، وما عاد له مكان في قاموس الدولة الأردنية الحديثة. دولة بجيشها، بأجهزتها، بقضائها، بشعبها الواعي، لا تنتظر شهادة حسن سلوك من حركة تحولت – للأسف – إلى عبء على القضية لا رافعة لها.
"حماس" التي اعتادت اللعب على الحبال، عليها أن تدرك أن في الأردن حبال السيادة لا تُمس، وخطوط الأمن الوطني لا تُفاوض. الأردن، الذي قدّم ما لم يقدمه أحد، وصمد حين تهاوت كثير من الساحات، لن يسمح بأن يتحول إلى متلقي إملاءات ممن لا يملكون حتى ترتيب بيتهم الداخلي.
وإذا كان البيان إشارة لوجود امتدادات داخل الأردن، فإن الدولة تعرف تماماً كيف تضبط إيقاع الداخل وتقطع أوتار الوهم. فليس كل من رفع شعاراً هو ابن للمكان، ولا كل من هتف للقضية شريك في الحفاظ على أمن الوطن.
في المحصلة، الأردن لا يرد بالبيانات، بل بالمواقف. ولا يصرخ، بل يُحكم. ومن أراد أن يختبر صلابة هذا الكيان، فليجرّب أن يهزّه… حينها فقط، سيتعلم كيف تصنع الدول الكبرى من صمتها زلزالاً.