حكومة التطرف .. حين يتحوّل الكيان إلى أداة دمار بقيادة نتنياهو
صالح الشرّاب العبادي
29-04-2025 10:43 AM
لم يعد الحديث عن حكومة الاحتلال الإسرائيلية شأناً داخلياً، بل بات تهديداً حقيقياً للسلم الإقليمي والدولي ، فما يجري تحت حكم بنيامين نتنياهو لم يعد مجرد سياسات يمينية متطرفة، بل مشروعًا عنصريًا إجراميًا يسعى إلى فرض واقع جديد بالقوة، محوره الدم والتهجير والاستيطان.
في ظل قيادة تعتبر الفاشية نهجًا، وتؤمن بالتفوق العرقي صراحة، يقف نتنياهو على رأس أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ الكيان المحتل، متخذًا من المجازر طريقًا للسلطة، ومن تدمير الشعوب وسيلة لحماية عرشه المترنّح.
نتنياهو.. ديكتاتور يلبس قناع الديمقراطية
بنيامين نتنياهو، الرجل الذي يتباهى بكونه أطول من حكم إسرائيل، تجاوز حدود السياسة إلى عبادة الذات ، هو ليس مجرد زعيم سياسي، بل مشروع شخصي للبقاء بأي ثمن، ولو على أنقاض الإنسانية كلها.
تحت قيادته، أصبحت الدولة المحتلة تدار ككيان بوليسي إجرامي ، لا يسمع لصوت معارضة، ولا يعترف بفصل السلطات، بل يطوّع القضاء، ويركّب التحالفات الهجينة مع المتطرفين الدينيين والقوميين العنصريين، ليحمي نفسه من المحاكمة والاندثار السياسي.
الكنيست بات رهينة، والصحافة تقبع تحت الضغط، والشارع منقسم إلى متطرفين صاخبين وصامتين خائفين. هذه ليست ديمقراطية، بل واجهة لدولة تتآكل من الداخل على يد من يدّعي حمايتها.
حكومة المستوطنين: مؤسسة تطرف ممنهجة
الحكومة التي يرأسها نتنياهو اليوم هي نسخة صارخة من عنصرية القرن الحادي والعشرين: وزراء يفاخرون بإبادة الفلسطينيين، قادة يعلنون أن غزة يجب أن تُمحى من الخريطة، وخطاب رسمي يحرّض على القتل والانتقام بلا حدود.
لم تعد المواقف الفردية معزولة، بل هي سياسة دولة ، التطهير العرقي في الضفة، التجويع في غزة، القصف العشوائي للمخيمات، كل ذلك يجري برعاية كاملة من حكومة رسمت لنفسها مهمة إكمال المشروع الصهيوني بكل وسيلة ممكنة.
ومع كل جريمة، تخرج الحكومة بلسانها الرسمي لتبرّر، وتدّعي أنها تدافع عن النفس.
عن أي نفس يتحدثون؟ عن كيان مدجّج بأعتى الأسلحة في وجه شعب أعزل يبحث عن البقاء؟
العرب… بين صمت العجز واستمراء المأساة
وفي مشهد لا يقل قتامة عن جرائم الاحتلال، تقف غالبية الدول العربية اليوم عاجزة، مكتفية ببيانات الشجب والتنديد، كأنما باتت مشاهد الدماء والدمار في غزة عادة يومية لا تستحق الغضب ولا التحرك.
لقد استمرأ بعض العرب صور الأطفال تحت الركام والبيوت المدمرة، حتى صارت النكبة الفلسطينية حدثاً متكرراً لا يحرك ساكناً.
تحولت بعض العواصم إلى مقاعد انتظار باردة، تراقب المأساة عن بعد، فيما تنشغل أخرى بحساباتها السياسية الضيقة، كأن فلسطين عبء ثقيل تريد التخلص منه بأي ثمن ، وعواصم منشغلة في وساطات متنوعة لحلول مشاكل حروب العالم ووساطات أصبحت مسرحية لا نهاية لفصولها على مسرح الجريمة ….!
لقد تآكلت المواقف، وذبلت البيانات، وأضحى الدم الفلسطيني يُسال دون ادنى غضب او حتى هزة ضمير ..
هذه اللامبالاة الرسمية، وإن بدت ضعفًا، هي مشاركة غير مباشرة في الجريمة، تمنح نتنياهو وأمثاله ضوءًا أخضر لمزيد من المجازر، طالما أن الرد العربي لا يتجاوز كلمات تُرمى في هواء المؤتمرات وتُنسى قبل أن يجف حبرها.
الغرب الصامت والمجتمع الدولي العاجز
رغم كل ما يحدث من مذابح وجرائم واضحة بالصوت والصورة، لا يزال نتنياهو يجد في عواصم القرار الغربية شركاء بالصمت بل هم شركاء في الجريمة.
أمريكا، التي تدّعي قيادة العالم الحر، تقف عاجزة أمام غطرسته، بل تمده بالسلاح والدعم المالي والسياسي، وكأن شيئًا لم يحدث ، أما أوروبا، فتكتفي بالتنديد الخجول والتمنيات الجوفاء.
هذه الازدواجية القاتلة، هي التي جعلت نتنياهو يشعر بأنه فوق القانون، وأن الدم الفلسطيني لا يحرّك ضميرًا.
نحو سقوط محتوم… ولو بعد حين
كل ديكتاتور يعتقد في لحظةٍ ما أنه خالد ، ونتنياهو اليوم في قمة غروره، يخدع نفسه بأنه صانع النصر ، في حين أن كيانه يتآكل أمنيًا وأخلاقيًا، وجيشه ينهار من الداخل، والمقاومة تزداد صلابة رغم الخراب.
إن قراءة هادئة للواقع تُظهر أن حكومة نتنياهو لا تبني مستقبلًا، بل تكتب فصل النهاية في المشروع الصهيوني ، فما فشل في تحقيقه بالحرب، لن يحققه بالمجازر ، وما أراد فرضه بالدم، سيرتد عليه زلزالًا سياسيًا وأخلاقيًا لن ينجو منه.
بنيامين نتنياهو لا يمثل فقط تطرفًا سياسيًا، بل حالة انحطاط أخلاقي شاملة، حولت دولة الاحتلال إلى كيان مارق خارج القانون الدولي والإنساني.
ومع كل صاروخ يسقط على غزة، وكل طفل يُنتشل من تحت الركام، يكتب نتنياهو سطورًا جديدة في دفتر جرائمه، ويقترب أكثر من لحظة الانهيار التي تنتظره في نهاية طريق الغطرسة والدماء.
سيعرف التاريخ هذا الاسم، لا كقائد او رئيس ، بل كمجرم أضاع شعبه، وسقط في الوحل الذي صنعه بيديه.