facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




آلية تعيين وتقييم رؤساء الجامعات: نحو حوكمة أكاديمية فعّالة


د. منصور المطارنة
03-05-2025 12:55 PM

تُعدّ رئاسة الجامعة منصبًا محوريًا في منظومة التعليم العالي، حيث تقع على عاتق الرئيس مسؤولية قيادة المؤسسة الأكاديمية نحو تحقيق رؤيتها ورسالتها، وتعزيز مكانتها محليًا ودوليًا، وضمان استدامة مواردها وتحقيق جودة مخرجاتها. وانطلاقًا من هذه الأهمية، فإن اختيار وتقييم رؤساء الجامعات يجب أن يتم وفق آلية واضحة، شفّافة، وترتكز على معايير دولية تضمن الكفاءة والفعاليّة والحوكمة الرشيدة.

يكثر الحديث دائما عند نهاية العام الدراسي حول التكهن في آلية تعيين وإختيار الرؤساء، حيث للأسف تعودنا على التغيير المستمر من قبل المجالس الحاكميّة، حيث مرةً من خلال لجنة او لجنتين للبحث والاختيارأو التعيين المباشر، ما زلنا نردّد حاجتنا في قطاع التعليم العالي الى ثبات التشريعات وإتباع استراتيجية ثابتة لا تتغيّر مع تغيّر الوزير او مجلس التعليم العالي. ولقد كتبت قبل عدة سنوات حول هذا الموضوع بمقال منشور على موقع عمون الإخباري يمكن الإطلاع عليه بعنوان " أسس تقييم رؤساء الجامعات الجديد".

وهنا لا بدّ الإشارة بأنّه هنالك انقسام إن صحّ التعبير حول آلية تعيين رؤساء الجامعات بين الزملاء الأكاديمين وقادة التعليم العالي، حيث بعضهم مع تشكيل لجان خاصّة، وجزء كبير مع التعيين المباشر، وأيضا جزء كبير يربط هذا التكليف كمنصب سياسي. وأنا شخصيّا لست مع هذا الطرح وأتمنى أن نتّبع دائما الممارسات والمعايير العالميّة لأنّها الأنسب إحتراما منّا لجامعاتنا بيت الخبرة والمعرفة وصنّاع القرار.

بدايةً، لابدّ أن نركّز على دور مجالس الأمناء في تحديد رئيس الجامعة والذي أصبح مغيّبا، وهنالك عجز في مسألة التقييم الدوري عند بعض المجالس، مع التركيز اولاً على حسن إختيار النخبة الأكفياء كأعضاء في هذا المجلس. والعلاقة المنشودة بأن يكون هنالك توافق على توفير الدعم والصلاحيات والمسؤوليات اللازمة للرئيس لقيادة وإدارة شؤون الجامعة بنجاح.، على أن يكون هنالك تقييمات منتظمة حول رئاسة الجامعة تحقّق تواصل مستمر بين مجلس الأمناء والرئيس بشأن تحقيق الأهداف والإنجازات، والموقع الاستراتيجي والرؤية للجامعة، وفعاليّة القرارات المتخذة، وكذلك تقديم التغذية الراجعة من المجلس وأفراد مجتمع الجامعة وأصحاب المصلحة. يجب أن تأخذ عملية التقييم في الاعتبار ما تمّ تحقيقه، وكيف تم تحقيقه، ومدى دعمه للأهداف الاستراتيجية للجامعة مستقبلًا.

سأبدأ الحديث حول الممارسات العالميّة (أخصّ هنا الكندية والامريكية بحكم المعرفة والخبرة) ، حيث توصي المعايير الدولية بأن تتم عملية اختيار رؤساء الجامعات من خلال نهج يحقّق التوازن بين الاستقلالية والشفافية، ويضمن أن يكون الشخص المختار مؤهلًا أكاديميًا وإداريًا بشكل رفيع. وتشمل الآلية المثلى اولا بتشكيل لجنة بحث وتعيين، حيث تتألف اللجنة من ممثلين عن مجلس الأمناء (أو الحكام)، وأعضاء من هيئة التدريس، وطلاب، وممثلين من المجتمع الأكاديمي أو الصناعي. ويُراعى بالطبع في التشكيل التنوّع والتخصّص. ثمّ يتم الإعلان عن الوظيفة ومعايير الاختيار، حيث يجب نشر إعلان واضح يحدد المؤهلات الأكاديمية والإدارية المطلوبة، مثل: الخبرة في قيادة مؤسسات أكاديمية، القدرة على التخطيط الاستراتيجي، سجل من النزاهة والشفافية، القدرة على تحصيل الموارد والتعاون مع المجتمع. وهنا يتم التأكيد على أنّ الاختيار بناءً على الكفاءة لا المحاصّصة، وفق الجدارة والكفاءة، بعيدًا عن الاعتبارات السياسية أو المناطقية أو الفئوية.

وبعد ذلك تبدأ عملية إجراء مقابلات ومشاورات واسعة، حيث يُجري المرشحون مقابلات مع اللجنة المشكّلة، ويتم التشاور مع جميع أطراف المصلحة من المجتمع الجامعي (الهيئة التدريسية، الطلبة، والموظفين) لأخذ آرائهم بشكل غير مباشر حفاظًا على النزاهة. وأخيرا، يرفع القرار النهائي و التوصية النهائية بالتعيين إلى الجهة المختصة للمصادقة والتعيين الرسمي وفق الأطر القانونية.

وأرفق هنا مثال لملخص خطوات التقييم الشامل التي اعتمدت لتقييم أحد رؤساء الجامعات الكندية وتجربة شخصية:

1. يقدّم الرئيس تقييمًا ذاتيًا يتضمن أداءه مقارنةً بأهداف السنوات السابقة، وقيادته للجامعة، وأداء الجامعة.

2. يمنح أعضاء المجلس ومجلس الشيوخ ومجتمع الجامعة (باستثناء أعضاء اللجنة التنفيذية-لجنة التقييم) فرصة لتقديم تعليقات مكتوبة تُدمج وتُعرض بشكل غير منسوب ومجهول الهوية.

3. تراجع اللجنة التقييم الذاتي وأي تعليقات واردة، ويجوز لها، حسب تقديرها، إجراء مقابلات مع مقدمي التعليقات.

4. تلخّص اللجنة التنفيذية مداولاتها وتقدم الملخّص مع تعليقات اصحاب المصلحة إلى الرئيس، الذي يُمنح فرصة للرد.

5. تُعد اللجنة تقرير التقييم الشامل النهائي وتقدمه إلى رئيس مجلس الأمناء لمناقشته مع الرئيس.

6. يُقدم التقرير النهائي بعد ذلك إلى المجلس للنظر فيه.

إذا لم يُوصِ التقييم بإعادة التعيين، أو إذا لم يرغب الرئيس في إعادة الترشّح، فيُتبع إجراء البحث والاختيار والتعيين.

محلياُ، تُعد عملية التقييم الدوري لرئيس الجامعة من أهم أدوات ضمان جودة القيادة الجامعية، حيث تتيح مراجعة الأداء، وتعزيز نقاط القوة، ومعالجة أوجه القصور. ويُنصح باتباع النموذج الذي يجمع بين التقييم السنوي والتقييم الشامل.

التقييم السنوي: الذي يهدف الى مراجعة الأداء بشكل دوري لضمان توافق العمل مع الأهداف الاستراتيجية للجامعة. من خلال الآلية التالية:

يقدم الرئيس تقريرًا ذاتيًا حول أدائه مقارنة بالأهداف المحدّدة مسبقً ضمن الخطة الاستراتيجيةا.

* يُطلب من أعضاء مجلس الأمناء بتعبئة استبيان تقييم سري وغير منسوب ومعرّف.

* تقوم لجنة التقييم (مثل اللجنة التنفيذية) بتحليل البيانات وتقديم تقرير ملخص للرئيس يتضمن ملاحظات وتعليقات.

* يتم رفع التقرير النهائي لمجلس الأمناء.

التقييم الشامل: يهدف الى تقييم شامل لأداء الرئيس على مدار فترة ولايته، يُستخدم أساسًا في حال إعادة التعيين. حيث يتبع الآلية التالية:

* يبدأ عادةً قبل عام من انتهاء فترة التعيين.

* يشمل التقييم الذاتي، مراجعة أداء الجامعة، واستطلاع آراء أعضاء مجلس الجامعة والمجتمع الجامعي.

* تقوم اللجنة التنفيذية بتحليل كافة البيانات وإجراء مقابلات عند الحاجة.

* يُعد تقرير نهائي يُناقش مع الرئيس ويُرفع لمجلس الأمناء.

بعد استكمال التقييم، تقوم لجنة الخبراء برفع تقريرها إلى مجلس التعليم العالي لاتخاذ القرار المناسب بناءً على نتائج التقييم الشامل.

والسؤال الذي يطرح الآن، ما هي معايير تقييم أداء رئيس الجامعة التي يجب ان نطبقها؟ استنادًا إلى المعايير الدولية وأفضل الممارسات، يجب أن تغطي عملية التقييم عدة محاور رئيسية تعكس كفاءة رئيس الجامعة من جوانب متعدّدة، تشمل:

* التخطيط الاستراتيجي: القدرة على رسم رؤية ورسالة واضحة للجامعة وتنفيذها.

* القيادة والإدارة: امتلاك الرئيس لشخصية قيادية قادرة على تمثيل إدارة فاعلة وعادلة، تتسم بالحكمة والموضوعية، وتعزيز بيئة إدارية داعمة، واتخاذ قرارات مدروسة ومستقرّة لا تتغيّر بسرعة.

* الحوكمة الرشيدة: احترام مبادئ الشفافية والمساءلة، من حيث التقيّد بالقوانين والأنظمة والتعليمات في جميع القضايا الإدارية والأكاديمية، واختيار الكفاءات الأفضل لشغل المناصب العليا (كنائب رئيس، أو عميد، وغيرهما).

* العدالة والنزاهة: الالتزام باحترام حقوق وكرامة الآخرين، وتحقيق العدالة في القرارات الإدارية، خاصة فيما يتعلق بتعيين القيادات الأكاديمية والإدارية، والترقيات، والبعثات، والعقوبات.

أتمنّى أن نرى مبادارات تطبّق فعليّا بإعتماد الانتخابات داخل الأقسام والعمادات لإختيار قادتها ومجالس حاكميّتها.

* التميز الأكاديمي في جودة التعليم والتعلّم وتحقيق نتاجات التعلّم، وتحديث خطط البرامج والتركيز على مشاريع التخرّج والتدريب الميداني، وإكتساب المهارات والكفايات اللازمة لمتطلبات سوق العمل.

* التميز في البحث العلمي والتركيز على الريادة والإبتكار.

* الإدارة المالية: الاستخدام الرشيد للموارد وتنمية الإيرادات.

* تعزيز التنوع والشمول: الالتزام بقيم الإنصاف وتمثيل الفئات المختلفة. والذي أصبح معيار عالمي مهم تركّز عليه الجامعات الغربية بالدرجة الكبيرة في كل ما يتعلّق بالجامعات أكاديمياً وإداريا.ً

* التحوّل الرقمي: تحقيق الكفاة التشغيلية من خلال أتمتة جميع المهام الادارية والأكاديمية لتوفير المال وتحسين كفاة العمليات وتوسيع وتسهيل الوصول الى مصادر التعلّم.

* الإستثمار في التعليم الالكتروني (MOOCs): يجب التوجه الى الرقمنة والأتمتة والإستثمار في التعليم الالكتروني، وهنا أورد مثال واحد حول منصة ايديكس (edX) التعليمية العالمية والتي تأسّست من قبل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد في عام 2012.

حيث تحتوي على ما يزيد عن 3000 محتوى تعليمي الكتروني (اونلاين) وبتكلفة متباينه حسب الدرجة ونوع الشهادة، وما يزيد عن 130 مليون متعلّم حول العالم.

* التنمية الستدامة: تبني مبادرات صديقة للبيئة،و تحقيق محاور التنمية المستدامة من حيث التركيز على الأثر البيئي والاجتماعي والحوكمة.

* الاستجابة للظروف الطارئة: القدرة على التكيف واتخاذ قرارات استراتيجية في الأزمات.

* التعاون مع الجهات الرقابية: تمتلك اللجنة الحق في التواصل مع الجهات الرقابية المختصة للحصول على المعلومات اللازمة لإتمام عملية التقييم.

لقد تمّ ذكر المعايير الرئيسةوالتي يتم توزيعها ضمن محاور مختلفة وبمؤشرات قابلة للقياس قد تشمل كأمثلة الجوانب التالية: العالمية/ التدريس/ الاعتماد وضمان إدارة الجودة/ البحث العلمي والتطوير/ الريادة والإبتكار/ الدراسات العليا/ الموارد البشرية/ الأمور المالية وضبط النفقات/ الإدارة والإجراءات الإدارية/ البنية التحتية والتقنية/ خطة الطوارىء والأزمات/ البيئة الجامعية/ الحاكمية الرشيدة/ تنمية المجتمع/ الالتزام بقرارات مجلس التعليم العالي.

ولابدّ هنا من ذكر أهمية التقييم المنتظم لرئيس الجامعة والذي يساهم في:

• ضمان تحقيق الأهداف المؤسّسية.

• تعزيز ثقافة الشفافية والتطوير المستمر.

• بناء علاقة شراكة استراتيجية بين الرئيس ومجلس الأمناء.

• اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استمرار أو تجديد ولاية الرئيس.

أخيرا، إن اختيار وتقييم رؤساء الجامعات ليس إجراءً إجرائيًا فحسب، بل يمثّل ركيزة أساسية في جودة التعليم العالي واستدامته. ولذا، فإن تبني آلية واضحة مبنية على الشفافية، والمشاركة، والمعايير الدولية من شأنه أن يسهم في بناء مؤسسات جامعية قوية، يقودها رؤساء أكفياء (قادة وليس مدراء) قادرون على إحداث التغيير المطلوب في مجتمعاتهم ومحيطهم الدولي.

حفظ الله الوطن الأغلى وقائد مسيرة النهضة والتقدم

* الجامعة الاردنية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :