يُحتفل بعيد العمال عالميًا في الأول من ايار من كل عام ، وقد نشأ هذا اليوم عن الحركة العمالية في الولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر، وبالتحديد من إضراب شيكاغو في 1 مايو 1886، حين طالب العمال بتحديد يوم العمل بـ 8 ساعات فقط ، وعيد العمال ليس مجرد احتفال، بل هو اعتراف رمزي بالدور المحوري الذي يلعبه العامل في المجتمع ، فالعمل يمنح الإنسان الهوية ، والكرامة، والاندماج الاجتماعي ، وقد أظهرت الدراسات أن احترام العامل وتقدير جهوده يعزز الصحة النفسية والرضا الوظيفي لدى العمال.

ويعد العامل وحدة الإنتاج الأساسية في الاقتصاد الوطني ، ويعد تحفيز العمال وتوفير بيئة عمل مناسبة لهم يؤدي إلى رفع الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة ، من هنا تأتي أهمية تشريعات مثل الحد الأدنى للأجور، ساعات العمل ، والسلامة المهنية.

عيد العمال هو أكثر من مناسبة سنوية ، و إنه رمز للصراع الإنساني من أجل العدالة والكرامة والاحترام في بيئة العمل ، وهو دعوة للاستمرار في تطوير قوانين العمل ، وتقدير الإنسان قبل كل شيء .

بدأ الأردن رسميًا بالاحتفال بعيد العمال في الأول من أيار، شأنه شأن العديد من دول العالم، بعد انضمامه إلى منظمة العمل الدولية (ILO) عام 1956. ومنذ ذلك الحين ، أصبح هذا اليوم عطلة رسمية تُكرَّم فيه الطبقة العامة ، و الخطابات الملكية في الاردن ، خصوصًا من جلالة الملك عبدالله الثاني، كثيرًا ما تؤكد على اهمية دور العامل الأردني في بناء الدولة والنهوض بالتنمية ، مع دعوات متكررة لتحسين ظروفهم المعيشية ، وذلك نظرا لاهمية دورهم في بناء الوطن وتعلية مستواه بين البلدان ، و رفع مستويات الدخل الوطني و زيادة نسبة الصادرات مما يرجح كفة الميزان التجاري لصالح الوطن .

ولهذا يشكل العمال في الاردن و غيرها من البلدان العمود الفقري لقطاعات حيوية مثل:الإنشاءات والزراعة والخدمات (خصوصًا السياحة) والصناعة الخفيفة والمتوسطة ،لكن لا يمكن إنكار التحديات التي تواجههم، مثل:ارتفاع معدل البطالة (خاصة بين الشباب) والفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وكذلك الاعتماد على العمالة الوافدة في بعض القطاعات ، و بحسب دائرة الإحصاءات العامة الأردنية لعام 2023، بلغ معدل البطالة نحو 22.4%، وهي نسبة مرتفعة تتطلب إصلاحات هيكلية في سوق العمل.

يملك الاردن منظومة قانونية متطورة نسبيًا لحماية العمال، منها:

• قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996

• الضمان الاجتماعي

• أنظمة السلامة المهنية ، كما ينص القانون على: تحديد ساعات العمل (48 ساعة أسبوعيًا كحد أقصى) ، وضمان الأجر العادل ، وكذلك حظر التمييز والحق في الإضراب المنظم ، وفي الثقافة الأردنية، يُنظر إلى العامل كرمز للجد والاجتهاد. ويمثل عيد العمال مناسبة لتكريم الأيدي العاملة من مختلف الجنسيات — خصوصًا في ظل وجود عدد كبير من العمالة الوافدة (مصريين، سوريين، آسيويين) مستنيرين بالحديث النبوي الشريف الذي رواه الامام البخاري "ما أَكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدهِ" ، ويظل عيد العمال في الأردن أكثر من مناسبة رمزية ، إنه محطة وطنية لمراجعة السياسات، و تقييم الأداء الاقتصادي، واستذكار دور الإنسان العامل في بناء الوطن.

حمى الله الاردن من كل مكروه وقيادته الرشيدة.