بقلبٍ وَطنيٍّ يَعتزُّ بِانْتِمائِهِ لِهذا الْوطنِ الْعزيزِ الغالي المفدى بالمهج والأرواح ، وأخلاصه المطلق للعرش الهاشمي المفدى، وَبِروحٍ تَفيضُ إيمانًا بِقِيَمِ الْوَحدةِ وَالأخاء والْعيشِ الْمُشتركِ، يَتَوجَّعُ الْمُجتمعُ الْمَسِيحيُّ الأردنيُّ بشدة ، وذلك لِما نَشهدهُ مِنْ تَصريحاتٍ وَتعليقاتٍ جارحةٍ تَخرج بِاسْمٍ مُزيَّفٍ عَلَى مِنْصاتِ التَّواصلِ الإجتماعي - على مختلف وسائلها وأشكالها - والتي تُحاولُ بِمَكْرٍ نَشرَ الْفرقةِ وبثها بَينَ أبناءِ هذا الْوطنِ الْواحدِ الموحد من شتى الأصول والمنابت ، مُستغلَّةً حُروفًا لا تَعرفُ إلّا لُغةَ الحقد والْكراهيةِ. إنَّها أَصواتٌ تَختبئُ خَلفَ شاشاتٍ ومنصات وهمية، تَتَجرَّأُ عَلَى تَشويهِ صورةِ الدين الاسلامي الحنيف القائم على قيم الْتسامحِ والأيثار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وَتَستهدفُ شرخ نَسيجَنا الْوَطنيَّ الْمَتينَ، فَنَقولُ لَهُم وعلى الملأ : الْأردنُّ أَسمى مِنْ أَن تُمَسَّ وَحدَتُهُ، وَشَعبُهُ أَرسخُ إيمانًا مِنْ أَن تَنْالَ مِنْهُ فِتنةٌ أو مهاترات فئة ضالة مضلله لا تمت إلى عادات وتقاليد مجتمعنا الأصيل بأية صلة.

والحقيقة التي نريد تأكيدها، هو أننا نحنُ كَمَسِيحيينَ أردنيينَ، نَعيشُ عَلَى هَذهِ الْأرضِ الْمُباركةِ بِكَرامةٍ وَسَلامٍ، نَنعمُ بِذات الْحقوقِ والْواجباتِ، وَنَشهدُ تَاريخًا مُشتركًا مَع إخوانِنا الْمُسلمينَ، تَكوَّنَ عبرَ الْقُرونِ عَلَى أُسُسِ الْمُحبةِ والْاحترامِ المتبادل، فَما أَقسَى أَن تَأتيَ الْجِراحُ مِنْ دَاخِلِ الْبيتِ! لَكِنَّنا نُؤمنُ أَنَّ هَذهِ الْأصواتَ النشاز الْمَحدودةَ لا تَعبُرُ إلّا عَنْ جَهْلٍ أَو حِقدٍ، وَهيَ نَبتٌ غَريبٌ عَنْ تُرابِ الْأردنِّ الَّذي رَبَّى أَبناءَهُ عَلَى الْوفاءِ وَالْعَيشِ بِأَخوَّةٍ.

إِخْواني الْمُسلمينَ الأحباء، نَقولُ لَكُم بِصَراحةِ الْقلبِ: لَسْتُمْ وَحْدَكُم فِي هَذِهِ الْمَعْركةِ! فَالْوطنُ يَجْمَعُنا، وَالْهويةُ الأردنيةُ تَحمينا، وَالْعَلاقاتُ بَينَنا لَيْسَتْ مِجردَ تَعايُشٍ، وإنما هيَ أُخوَّةٌ دَمٌ وَاحِدٌ يَسري فِي عُروقِ الْماضي والحاضر والمستقبل. نَحنُ نَؤمن مطلق الأيمان أَنَّ دين الْإسلامَ الحَنيفَ يَأمُرُ بالعدل والمساواة ، وَيَنهى عَنِ الْظلمِ والعنف والتطرف ، وَأَنَّ مَن يَدَّعي تَمثيلَهُ بِهذهِ الْأفعالِ هُوَ أَبعدُ النَّاسِ عَنْهُ.

وبناءً عليه ، نَدعو كافَّةَ أَبناءِ الْوطنِ- مُسلمينَ وَمَسيحيينَ- إِلى تَوحيدِ الصَّفوفِ ورصها ضِدَّ كُلِّ مَن يُحاولُ زَعزعةَ أَمنِنا الْوَطنيِّ واسقراره ، وَنَثِقُ ثقه مطلقه بِأَنَّ أَجهِزَةَ الدَّولةِ الْأمنيةَ ومؤسساتها القانونية تَعمَلُ بِلا هوادة أو تهاون ، وذلك لِحمايةِ مُجتمعِنا من خفافيش الظلام ، لذلك لْنَكنْ سَداًّ مَنيعًا فِي وَجهِ الْفتنِ والمؤامرات ، وَلْنُذكِّرُ الْعالمَ أجمع أَنَّ الْأردنَّ بِتَنوعِهِ هُوَ نموذج يحتذى به لِلتَّآخي والتآلف والتعاضد، وَأَنَّ مَسِيحييهِ كَالْجِبالِ الشامخات الرَّاسياتِ، لَم ولن يَسمحوا لِأحدٍ بِاختراقِ وَحدَتِهِم مَع إخوانِهِم المسلمين .
واسمحوا لي أن أنتهز هذه المناسبة لأقول لكم إن قوة المجتمع وإرادته تبدتا بصورة عظيمة في التلاحم الشعبي في الوقوف صفاً واحداً متراصاً خلف جهود نشامى المخابرات العامة - فرسان الحق - إذ سار المواطنين من مختلف فئات المجتمع ومشاربه في مسيرات تضامنية ضد تهديدات الخلية الإرهابية التي أعلنت المخابرات العامة عن أحباط مخطاتها الإجرامية الإرهابية وتفكيكها يوم الثلاثاء الماضي، وإنما قاموا بأكثر من ذلك ، إذ أظهروا للعالم أجمع رباطة جأشهم وأيمانهم المطلق والذي لا يشوبه شائبة من أن لا خوف على مستقبل بلدنا، مهما بلغ حجم المؤامرات والمكائد .

وينبغي علينا لفت الأنتباه هنا ، إلى أنَّنا نَحْمي الْأردنَّ لِأَنَّهُ وَطَنُ الْجَميعِ، وَنَحنُ فِي هَذِهِ الْأرضِ لَسْنا أَقلياتٍ، بَلْ شُركاءُ فِي الْبِناءِ وَالْذَّودِ عَنِ الْوَحدةِ الوطنية. واخيرا وليس اخرا ، أسأل الله تبارك وتعالى أن بحفظِ الْأردنَّ شَعبًاً وَقيادةً، وَان يحفظه دائمًا نُبراساً يُضيءُ بنوره الوضاء بِالْتعايشِ والسلام والوئام والتكاتف مع بعضنا البعض، وأن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصلاح لوطننا الشامخ في وجه التحديات مهما تعاظمت.