facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القيود المستمرة: حين يتحول الحدث إلى سجن القرار


صالح الشرّاب العبادي
06-05-2025 11:10 PM

في كثير من الدول، ولا سيما تلك التي واجهت أزمات سياسية او اقتصادية او امنية أو صراعات مصيرية، يلاحظ المراقبين وصناع استطلاعات الرأي ، كيف يتحول حدث ما سياسي أو أمني أو اقتصادي إلى مرجعية ثابتة مستمرة في الخطاب الرسمي للسلطات ، وكأن الزمن توقف عند تلك اللحظة، يتكرر الحديث عنه، يُستحضر في كل مناسبة، ويُستخدم لتبرير التأخر في الإصلاح أو الحذر في التغيير ، حتى أن بعض المسؤولين يبدون وكأنهم رهائن لهذا الحدث، عاجزون عن تجاوزه أو حتى مقاربته من زاوية نقدية بنّاءة.

لكن، هل هناك حقًا ما يمنع من تجاوز حدثٍ طارئ والمضي قدمًا نحو التطوير؟ ولماذا يخشى البعض مغادرة مربع “الأزمة” حتى بعد زوال أسبابها؟

الحدث كأداة تبرير وتأجيل

من الطبيعي أن تترك الأزمات بصماتها على الخطاب الرسمي، لكن غير الطبيعي هو أن تتحول هذه الأزمات إلى حجة مستمرة لتبرير تدوير الخطاب والتراجع أو التردد أو التخبط او الاستغلال الخطابي المستمر للحدث ، ليصار إلى استحضار الحدث لا لتقييمه والبناء عليه، بل لتعليقه كسقف منخفض يحجب الرؤية عن آفاق التقدم.

على سبيل المثال، لطالما استُخدم شعار الظروف الإقليمية، الأوضاع الاقتصادية الصعبة أو التهديدات الأمنية او المحيط الملتهب ، او القرارات الدولية، او الحصار الاقتصادي ، لتبرير التباطؤ في الإصلاح السياسي والاقتصادي او التشريعي او التسريع الاستثماري او تدني المستوى الخدماتي والتحجج بالتحديات والصعوبات ، لا شك أن الوطن ودول الاقليم تواجه محيطًا غير مستقر، من الصراع في سوريا، إلى الاحتلال المتمادي الإسرائيلي ، إلى تقلبات العلاقة مع دول الجوار إلى قرارت ترامب او صراع المصالح العظمى وتقلبات الاسعار العالمية، حرب المضائق ، اعاقة سلاسل التوريد ، ازمة المياه ، لكن ان يتم جعل هذه الظروف ذريعة دائمة لوقف المبادرات التنموية أو تأجيل الاستحقاقات الديمقراطية او تباطؤ الخدمات وتقليصها او استغلال هذه التحديات في تمرير التشريعات والقوانين او تدني مستويات المعيشة ، كل ذلك أضرّ بثقة المواطن وأعاق الكثير من فرص التطور ، فلا يمكن ان تبقى السلطات رهينة ذلك الحدث حتى تعجز عن الخروج منه خوفاً من تدني المستوى المناصبي او الامتيازي ..

بل في أحيان كثيرة، يتم تدوير الخطاب حول الحدث نفسه، كما في قضية الربيع العربي او الأزمة الاقتصادية العالمية او الجفاف وازمة المياه ، على سبيل المثال لا الحصر ، التي لا تزال تُستحضر كلما طُرح موضوع الإصلاح الاقتصادي او الاستثماري أو التنموي ، وكأن البلاد لم تستوعب بعد دروس التجربة، ولم تتجاوز لحظة الخوف الأولى.

ثقافة الخوف.. لا ثقافة التقييم

يبقى المسؤول رهين القرارات وسجين الخوف من التقدم حين يغيب مناخ الثقة، وتغيب مساءلة الأداء، ويتفشى منطق السلامة في التكرار، فالتجديد مخاطرة، وكل مخاطرة تهدد المواقع والمصالح، ومن الأسهل دائماً ترديد خطاب قديم مجرّب، من إنتاج رؤية جديدة قد تُسائل الواقع أو تزعج مراكز النفوذ.

وفي السياق الوطني، نلاحظ كيف تُطرح مشاريع الإصلاح الاقتصادي كتحرير الأسعار، أو جذب الاستثمار، أو تطوير التعليم وتطوير تقنياته، او تعزيز الرفاة البشري او طرح المشاريع التنموية الكبرى، او المشاريع الكبرى البديلة بحذر شديد، تحت مظلة التدرّج، لكن دون جدول زمني واضح أو شفافية في المحاسبة، والسبب في كثير من الأحيان ليس ضعف الإمكانات، بل خشية من ردود الفعل أو من خسارة الشعبية، أو من تجاوز التوازنات التقليدية التي باتت تعيق التقدم.

كيف يتحرر القرار؟

التحرر من هذا الجمود لا يكون بقطع الصلة بالماضي، بل ببناء علاقة صحيحة معه، فالماضي لا يجب أن يتحول إلى عائق، بل إلى منصة انطلاق نحو أفق جديد، القرار السياسي يتحرر حين:
• تتغيّر البنية الذهنية داخل المؤسسات من عقلية إدارة الأزمة إلى عقلية بناء التنمية.
• يتحوّل الخطاب من تبريرٍ مستمر إلى مراجعةٍ مسؤولة.
• تُفتح قنوات المشاركة والمساءلة، بحيث لا يُترك القرار أسير المزاج أو الخوف أو المصلحة.
• تظهر قيادات مؤمنة بأن تجاوز الأزمة لا يعني نسيانها، بل التعافي منها واستثمار دروسها.

إن استمرار الخطاب في تكرار الحدث، لا يعني أننا نحترم الماضي، بل أننا نخشى المستقبل، المجتمعات لا تنهض بتقديس الأزمات، بل بتجاوزها ، والقرار المسؤول لا يكرّس الخوف، بل يزرع الأمل، ويقود بشجاعة نحو تجديد الذات وتجويد الخطاب والمصير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :