الأردن وعلاقاته العربية: دعم فلسطين وتوازنات إقليمية
د. بركات النمر العبادي
08-05-2025 11:45 AM
الجزء الثاني
ثالثًا: العلاقة مع فصائل المقاومة الفلسطينية والإخوان المسلمين .
شهدت العلاقة بين الأردن والمقاومة الفلسطينية ، وتحديدًا الفصائل الفلسطينية المسلحة ، تحولات جذرية منذ أحداث "أيلول الأسود" عام 1970 ، التي أدت إلى خروج الفصائل الفلسطينية المسلحة من الأردن ، وانتقال مركز عملياتها إلى لبنان ، ومنذ ذلك الحين ، انتهج الأردن سياسة فصل واضحة بين دعمه للقضية الفلسطينية ورفضه العمل الفصائلي المسلح انطلاقًا من أراضيه ، بما يتوافق مع مصالحه الأمنية والتزاماته الإقليمية والدولية.
أما الإخوان المسلمين ، فقد شكلوا لفترة طويلة تيارًا سياسيًا مؤثرًا داخل الأردن ، إلا أن الدولة قامت بتقليص دورهم تدريجيًا ، لا سيما بعد صعود الإسلام السياسي في العالم العربي وما تبعه من تداعيات على المشهد الإقليمي ، وتأثر موقف الأردن تجاه حركة حماس - التي تنتمي أيديولوجيًا لتيار الإخوان - بعوامل متعددة ، من بينها التوازن في العلاقة مع السلطة الفلسطينية ، ومتطلبات العلاقة مع الدول الغربية ، والضغوط الإقليمية.
رابعًا: صورة الأردن في الوعي الفلسطيني .
تحمل صورة الأردن في وعي الشعب الفلسطيني طابعًا مزدوجًا ، ففي الضفة الغربية ، يُنظر إلى الأردن بوصفه داعمًا ثابتًا للقضية ، وشريكًا في النسيج الاجتماعي والسياسي ، أما في قطاع غزة وبعض أوساط المقاومة الفلسطينية ، فتسود رؤى أكثر نقدًا ، لا سيما فيما يتعلق بمحدودية الدور الأردني في دعم المقاومة ، مقارنة بدول مثل قطر أو إيران ، و على الرغم ذلك ، فإن الدور الأردني يُقدَّر على نطاق واسع باعتباره دورًا واقعيًا يسعى للحفاظ على استقرار المنطقة ، خصوصًا في ظل ما يواجهه الأردن من تحديات اقتصادية وضغوط خارجية.
وما زالت صورت الانزالات الجوية الاردنية لطرود الخير بواسطة الطائرات عالقه في الاذهان ، وكذلك فأن الخدمات الطبية تغطي الاراضي الغزاوية في مختلف المدن منها ، ورحمة الله على المجاهد الكبير الشيخ احمد ياسين ودور الملك حسين طيب الله ثراه في الزام القادة الاسرائليين بأحضار الترياق له بعد ان سمموه ، وما زالت الة الخير الاردنية تعمل في دعم الاشقاء الغزوين على مختلف الصعد ، وهذا غيظ من فيض بعيدا عن تحميل الجميل ، وفي الحقيقه اننا في خندق و احد مع الاشقاء الفلسطينيين ، مهما حاول المرجفون من التقارب الاردني الفلسطيني فعل الافاعيل التي لا يستحقها الاردن ولاشعبه ولا قيادتها الهاشمية التي قدمت و تقدم للقضية الفلسطينية و القضايا العربية ، حتى بلغ بنا الحال وفي كثير من الاحيان ان نوصف بأننا صهاينة و احيانا اخرى يقال اننا بعنا القضية ونعمل على تصفيتها كما يقولون وكاننا نصفي شركة من الشركات الاردنية ، وفي المقابل لاتزال صورة الحملة المليونية من العشائر الاردنية التي تجمعت بغور الاردن بنية الهجوم على الحدود مع الكيان الاسرائلي ، بعد ان لبو استغاثة اخوانهم في فلسطين/ الضفة الغربية عندما اشتد التنكيل بهم من الجيش الاسرائلي و على الفور توقف التنكيل و القمع ، ولكن لايمكن ان يطلب من الاردن فوق طاقته وطاقة شعبه لما يعرفه العرب الشرفاء والفلسطينيين الاشقاء من حالة الدولة الاردنية ، المعروفة الموصوفة بانها المتوازنة في مواقفها و الحريصة على قضية فلسطين و الشعب الفلسطيني .
خامسًا: القيود التي تكبّل الدور الأردني .
يعاني الأردن من قيود هيكلية تحد من قدرته على لعب أدوار أكثر حيوية في الملف الفلسطيني اكثر مما قام به ،/ ولكنه في نفس السياق كان فاعلا ومنخرطا بالقدر الذي تسمح به امكاناته الاقتصادية والتعقيدات السياسية و الاجتماعية و التزاماته كدوله ، والتي تشكل بالتالي مواقفه كدولة مسؤلة عن ملايين الارواح داخل حدوده الاقليمة ، و ليس فصيل مسلح يناور من هنا تارة ومن هناك تارة اخرى و من هذه القيود على وجه التحديد :
1. الاتفاقيات الدولية: خاصة معاهدة السلام مع إسرائيل (وادي عربة، 1994)، والتي تضع سقفًا لتحركات الأردن في ملفات المقاومة والدعم العسكري.
2. الضغوط الاقتصادية: يعتمد الأردن بشكل كبير على المساعدات الخارجية ، خاصة الأمريكية والخليجية ، مما يجعله مضطرًا للتعامل بحذر مع الملفات الحساسة.
3. الاعتبارات الأمنية: التوازن الديمغرافي بين الأردنيين من أصول فلسطينية والشرق أردنيين، يجعل الملف الفلسطيني محوريًا في الاستقرار الداخلي.
4. التحالفات الإقليمية: مجاراة السياسات الإقليمية لدول كمصر والإمارات والسعودية، التي ترفض التمدد السياسي للفصائل المرتبطة بالإسلام السياسي.
ومع ذلك لم يتوان الاردن في دعم الاشقاء الفلسطينيين رغم هذه القيود وعلى مختلف الصعد ، و الشرفاء المنصفين الذين يقفون مع الحق وهم بذات الوقت يقدرون الاوضاع وينصفون الاردن هم و اصحاب الشرف المخلصين لقضيتهم ويقدمون لها بصمت ، ان الاردن بكليته لم ولن يبخل عليهم بكل ماهو واجب ، ويظل الأردن يمثل نموذجًا لدولة صغيرة الحجم ، لكن ذات تأثير سياسي ملموس في قضايا الإقليم ، خصوصًا القضية الفلسطينية ، وبينما يُقدّر له دوره في دعم الحقوق الفلسطينية والوصاية على القدس، يواجه تحديات جمّة في التوفيق بين التزاماته الإقليمية والدولية ، وطموحات الشعوب في العدالة والحرية ، تبقى سياسته الخارجية مرآة لواقعه الداخلي وضرورات توازن القوى في الشرق الأوسط ، يا ايها المتنطعين ، هذا غيظ من فيظ عن وطن الاردنيين من شتى الاصول و المنابت ، وسيظل هذا الوطن يمثل الصورة الحقيقية مع الاشقاء الفلسطينيين للوحدة العربية الحقيقية ، بعيدا عن المزايدات الفرغه و التي تصب في خانة الصهاينه .
حمى الله الاردن وسدد على طريق الخير خطاة .
مراجع والمصادر:
o مركز دراسات الشرق الأوسط (الأردن): أبحاث ومقالات تحليلية حول دور الأردن في القضية الفلسطينية والعلاقات مع الفصائل.
o - مركز الجزيرة للدراسات أبو رمان، محمد. أزمة الإخوان المسلمين بالأردن: نهاية الصراع الدائري وبداية التعويم السياسي.
o - مركز ستراتيجيكس للدراسات (الأردن) الشرفات، سعود. التجربة الهجينة للإخوان المسلمين في الأردن. https://strategiecs.com
o - العربي الجديد مقالات تحليلية عن الوصاية الهاشمية على القدس والعلاقة الأردنية–الفلسطينية. https://www.alaraby.co.uk
* المرصد السياسي – معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى (نسخة عربية): دراسات عن سياسات الأردن الخارجية وتحليل علاقاته مع حماس والسلطة الفلسطينية.
• دراسات من موقع "السبيل" و"عمون الإخباري": تغطيات وتحليلات سياسية عن العلاقة بين الأردن والإخوان المسلمين، وتأثير ذلك على سياساته الإقليمية.