facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تأنيث المدارس في الأردن: قرار تربوي أم عبث مجتمعي؟


صالح الشرّاب العبادي
08-05-2025 08:08 PM

في خطوة مثيرة للجدل، تتجه وزارة التربية والتعليم في الأردن إلى تطبيق ما يُعرف بتأنيث المدارس ، وهو جعل الطلبة الذكور حتى الصف السادس الابتدائي يتلقّون تعليمهم على أيدي معلمات إناث، وفي صفوف مختلطة على الاغلب ، ورغم أن هذا التوجه يُقدَّم كخيار تربوي تنظيمي، إلا أنه في الحقيقة يمسّ بنية المجتمع وقيمه التربوية، ويثير أسئلة عميقة حول مرجعية القرار ومشروعيته وجدواه.

أين الدراسات؟ وأين الحوار المجتمعي؟
المشكلة الأولى في هذا القرار أنه لم يُبنَ على دراسة ميدانية علمية منشورة، ولم يُعرض على نقاش مجتمعي واسع يضم أولياء الأمور والاختصاصيين التربويين وعلماء النفس والاجتماع ، فكيف يمكن إحداث تغيير بهذا العمق في منظومة التعليم الأساسي دون معرفة آثاره الفعلية على شخصية الطالب وسلوكه وأدائه؟

الثقافة المجتمعية ليست عائقًا، بل إطارٌ تربوي
يرى كثير من الأردنيين في هذا القرار تهديدًا لخصوصيتهم الثقافية والتربوية، لا سيما أن التربية في المراحل الأولى من عمر الطفل تعتمد بشكل كبير على بناء النماذج النفسية ، والمعلّم الذكر في حياة الطفل الذكر ليس مجرد ناقل معرفة، بل قدوة في السلوك والانضباط والرجولة ، كما أن وجود معلمة لطالبة في سنّ التكوين يسهم في تأكيد الهوية النفسية والاجتماعية لديها ، أي محاولة لتوحيد النموذج التربوي بالقوة، دون مراعاة الفروق الطبيعية بين الجنسين في الاستجابة والقدوة، هي إضعاف لا تطوير.

الدراسات التربوية العالمية تحذر
بحسب عدد من الأبحاث الدولية، فإن الطلبة الذكور يتفاعلون بصورة أفضل مع المعلمين الذكور، كما أن المعلمات يكنّ أكثر فاعلية في التعامل مع الطالبات ، التوافق النفسي، والصوت، والحضور، واللغة الجسدية والعاطفة والشعور ، كلها أدوات تعليمية تختلف آثارها بين الذكر والأنثى ، كما أن المعلمات قد يواجهن تحديات أكبر في ضبط سلوك الطلبة الذكور، خاصة في بيئات مليئة بالحركة والتمرد الفطري ومن المحتمل التنمر ...

المدرسة ليست مجرد صفوف بل منظومة قيم
يبدو أن الوزارة في هذا القرار تغفل أن المدرسة الأردنية ليست مجرد حجرة دراسية، بل هي مساحة لبناء الشخصية والهوية الوطنية والاجتماعية ، وإذا كنا نتحدث عن تربية متوازنة، فكيف نغيب نموذج الأب أو الأخ أو المعلم الذكر عن حياة الطفل في أكثر مراحله حاجةً إلى التوجيه الذكوري؟ وهل يجوز أن تُختزل المدرسة إلى عملية لوجستية لتوزيع الكوادر دون مراعاة الأثر التربوي؟

الحل: تجريب لا تعميم، ودراسة لا ارتجال
إن البديل المنطقي لمثل هذا القرار هو إطلاق مشاريع تجريبية في بعض المدارس، تتبعها دراسات تقييم شاملة، تشمل الأداء الأكاديمي والسلوكي والنفسي للطلبة، ثم يُبنى على نتائجها قرار وطني متزن ، كما يجب أن تتاح لأولياء الأمور حرية الاختيار وفق قناعاتهم، لا أن يُفرض عليهم نظام لا يثقون بآثاره.

إن تأنيث المدارس ليس قرارًا إداريًا عابرًا، بل تحوّل تربوي عميق يستوجب التريث والتفكر، لا التسرع والانفعال ، فالتعليم لا ينفصل عن ثقافة المجتمع وهويته، وأي تغيير لا يحترم هذه الهوية سيكون مرفوضًا، بل وخطيرًا على المدى البعيد ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :