دور الأردن في غزة: حين تتحول الإنسانية إلى هدف للتشكيك
صالح الشرّاب العبادي
10-05-2025 12:31 AM
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يواصل الأردن، ملكًا وشعبًا، أداءه المبدئي في دعم أهلنا هناك، متخذًا موقفًا ثابتًا لا يتغير: الوقوف مع الشعب الفلسطيني في محنته، ومساندته سياسيًا وإنسانيًا دون تردد أو انتظار ، وكان رأس الحربة في هذا الجهد الإنساني، الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي باتت تمثل أحد أبرز وجوه العطاء العربي الحقيقي بعيدًا عن الشعارات.
في هذا السياق، تفاجأنا بما نشره موقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) الذي يتخذ من لندن مقرًا له، من مزاعم خطيرة وادعاءات باطلة، حاول من خلالها الإساءة لمواقف الوطن الثابتة الراسخة مع شعبنا في غزة ، من خلال دور الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية ، متهمًا إياها ضمنيًا بالاستفادة المالية من المساعدات المرسلة إلى غزة، وهو اتهام لا يستند إلى دليل، ولا يصدر إلا عن جهل أو سوء نية.
الهيئة التي كسرت الحصار
الأردن من خلال الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، بقيادة توجيهات ملكية سامية، كانت من أوائل المؤسسات التي تحركت لنصرة الشعب الفلسطيني. أرسلت الطائرات، ونظمت قوافل الإغاثة، وعبرت الحدود والمخاطر، غير آبهة بالقصف ولا بالتهديدات، فقط لتصل المساعدات إلى من هم بأمسّ الحاجة اليها ، أكثر من 50 طائرة، وآلاف الشاحنات، وملايين المستفيدين.
هل هذا هو “الاستثمار في الأزمة” كما يحاول أن يصوّر الموقع المشبوه؟.
نفي دولي ورسمي
المفارقة أن هذه المزاعم لم تجد صدى لدى أي جهة رسمية أو دولية ذات مصداقية ، بل إن العديد من الدول، وعلى رأسها بريطانيا نفسها، أشادت بالدور الأردني، وسلّمت مساعداتها عبر الهيئة الخيرية الأردنية، في إشارة واضحة إلى الثقة التي تحظى بها هذه المؤسسة ، وقد أكدت الهيئة في بيان رسمي أنها لا تملك أي نشاط مباشر داخل غزة، وأنها تسلّم المساعدات إلى جهات معترف بها مثل الأونروا، التي تتكفل بتوزيعها.
من المستفيد من تشويه الأردن؟
هنا يبرز السؤال الحقيقي: من يقف خلف هذا التشويه؟ من مصلحة من أن يُشوه وجه الأردن الإنساني في هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا يُستهدف الصوت الوحيد الذي لا يزال يصدح بالموقف الفلسطيني دون مواربة؟ واضح أن هنالك من يحاول تقويض الثقة بالمؤسسات الخيرية، وبالموقف الأردني عموماً، لأهداف سياسية أو إعلامية بحتة، أو ربما لصالح أطراف ترى في التزام الأردن الأخلاقي خطرًا على أجنداتها.
صوت الضمير لا يُقمع
الأردن لم ينتظر ضوءًا أخضر من أحد كي ينقذ الغزيين من الحصار والجوع، بل بادر وفعل، وسيسجل التاريخ أن الطائرات الأردنية أنزلت الغذاء فوق رؤوس الجوعى حين صمت الجميع. وأن الشاحنات الأردنية عبرت تحت النيران حين أُغلق المعبر، هذا هو الأردن. وهذه هي الهيئة الخيرية الأردنية.
إن هذه المحاولة الفاشلة لتشويه صورة العطاء الأردني لن تزيدنا إلا إصرارًا على الدفاع عن الحقيقة، والتمسك بالموقف العربي الأصيل، ومواصلة دعم أهلنا في غزة بكل الوسائل.