الآثار السلبية لنظام الحقول في المدارس ومخاطره
موفق جباعتة
11-05-2025 01:13 PM
مع إدخال نظام الحقول في المدارس الأردنية، والذي يعتمد على تقسيم الطلبة إلى مسارات أو "حقول" (كالعلمي، الأدبي، التكنولوجي، وغيرها) منذ المراحل الدراسية المبكرة، ظهرت تساؤلات وانتقادات واسعة حول مدى فاعلية هذا النظام وتأثيراته التربوية والاجتماعية على الطلبة والمجتمع بشكل عام.
أولاً: تكريس التخصص المبكر وضياع فرص الاكتشاف
من أبرز السلبيات التي تترتب على نظام الحقول هو التخصص المبكر، حيث يُجبر الطالب على اختيار مجال معين قبل أن تتكوّن لديه الرؤية الناضجة أو الفهم العميق لقدراته وميوله الحقيقية. هذا يؤدي إلى ضياع فرص الاكتشاف الذاتي والتجريب المتنوع في المراحل التعليمية المبكرة، مما ينعكس لاحقًا على جودة الاختيار في المستقبل الجامعي والمهني.
ثانياً: تعميق الفجوة بين التخصصات
يقوم هذا النظام بتقسيم الطلبة إلى مسارات منفصلة، مما يعزز الفصل بين المعرفة ويضعف التكامل المعرفي بين المواد. فتغيب الروح التفاعلية بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، ويصبح التفكير مجزّأ، وهو أمر يتناقض مع متطلبات سوق العمل الحديث الذي يتجه نحو المهارات المتداخلة.
ثالثاً: التهميش غير العادل لبعض الحقول
تشير الوقائع إلى أن بعض الحقول تحظى بقبول اجتماعي ومؤسسي أعلى من غيرها، مما يخلق هرمية تعليمية تؤدي إلى تهميش الطلبة في المسارات الأقل تفضيلاً. وهذا لا ينعكس فقط على ثقة الطلبة بأنفسهم، بل يؤدي إلى تمييز غير عادل في فرص التعليم والعمل لاحقاً.
رابعاً: الضغط النفسي والاجتماعي على الطلبة
إجبار الطلبة على اتخاذ قرارات مصيرية في عمر مبكر يولد ضغطاً نفسياً كبيراً عليهم، خاصة في ظل غياب آليات فعالة للإرشاد التربوي والمهني. كما يخلق نوعاً من الوصم الاجتماعي لمن يختارون الحقول الأقل شيوعاً أو الذين يعجزون عن مواكبة متطلبات الحقل الأكاديمي الذي فُرض عليهم.
خامساً: مخاطر على المدى البعيد
على المدى البعيد، يؤدي نظام الحقول إلى تخريج أجيال ذات مهارات أحادية، تفتقر إلى المرونة والتنوع المعرفي. وهذا يتناقض مع طبيعة سوق العمل الذي يتطلب مهارات مركّبة وتكيفاً سريعاً مع المتغيرات. كما أن هذا النظام يساهم في تعزيز البطالة المقنّعة، إذ يتم توجيه أعداد كبيرة من الطلبة نحو تخصصات لا يحتاجها السوق فعلياً.
خاتمة
إن نظام الحقول، رغم ما يُقال عن تنظيمه وتوجيهه المبكر للطلبة، يحمل في طيّاته العديد من المخاطر التي قد تمس جودة التعليم وتوازن المجتمع. ولا بد من إعادة النظر فيه بشكل شامل، مع التركيز على تطوير برامج الإرشاد المهني، وتأجيل التخصص إلى مراحل أنضج، وتبني نماذج تعليمية أكثر شمولية وتكاملاً، تواكب التغيرات العالمية وتحافظ على مصلحة الطالب أولاً وأخيراً.