facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من يُكمل الإيجار بعد الوفاة؟


المحامي اسامة البيطار
11-05-2025 06:00 PM

في مجتمع مثل الأردن، حيث يعتمد عشرات الآلاف من العائلات والأعمال التجارية على العقارات المؤجرة، لا يكون عقد الإيجار مجرد ورقة قانونية، بل علاقة إنسانية وحياتية، تمتد سنوات وتتقاطع مع تفاصيل الحياة اليومية. ولأن الإنسان لا يبقى، فإن السؤال الطبيعي بعد غيابه هو: ماذا يحدث لعلاقته الإيجارية؟ هل تنتهي بوفاته؟ أم أن القانون يُمدد الحياة القانونية للعقد من خلال ورثته؟ هذه ليست مجرد مسألة فنية بل قضية اجتماعية تمس استقرار الأسرة واستمرار العمل ، القانون الأردني أجاب عن هذا السؤال بصراحة: إذا كان العقار المؤجّر لغايات السكن، فإن حقوق الإيجار تنتقل إلى أفراد الأسرة الذين كانوا يقيمون مع المستأجر عند وفاته، أما إذا كان لغايات تجارية، فتنتقل الحقوق إلى الزوج أو الزوجة (ما لم تكن قد تزوجت مجددًا)، إضافة إلى الأصول والفروع من الورثة. وهنا لا تنتقل العلاقة بوصفها إرثًا، بل باعتبارها استمرارًا قانونيًا لعلاقة قائمة، هذه القاعدة المنصوص عليها في المادة 7 من قانون المالكين والمستأجرين تجد دعمًا مباشرًا في المادة 206 من القانون المدني التي تقرر أن أثر العقد ينصرف إلى الخلف العام، ما لم يتبين خلاف ذلك من طبيعة العقد أو النص القانوني.

محكمة التمييز الأردنية ثبّتت هذا المبدأ حين اعتبرت أن يد الورثة على المأجور لغايات تجارية تُعد مشروعة، وأنهم يُعتبرون مستأجرين بحكم الاستمرار القانوني، وهذا الاجتهاد هو تأكيد قضائي على أن الوفاة لا تقطع العلاقة، بل تُعيد تشكيل أطرافها، لكن القانون ذاته، ومن خلفه القضاء، لا يترك الباب مفتوحًا بلا حدود. فإذا ما صدر حكم قضائي قطعي بفسخ العقد، فإن الاستمرار يتوقف هنا، وتعود العلاقة إلى نقطة الصفر فقد اعتبرت محكمة التمييز أن حقوق الإيجار قد انتهت بصدور الحكم القطعي بفسخ العقد، وأن يد الورثة بعد ذلك تُعد يدًا غاصبة، ولا يُلزم جميع الورثة ببدل أجر المثل، بل فقط من ثبت أنه استمر في وضع يده على المأجور بعد صدور الحكم، مما يدل على أن القانون يوازن بدقة بين حق الورثة في الاستمرار، وحق المالك في استعادة العقار إذا انتهت العلاقة قضائيا فكما يحمي القانون كرامة الساكنين، يحمي بالمقابل حق المالك في العودة إلى ملكه إذا أنهى القضاء العقد لاسباب موضوعية.

ما نحتاجه اليوم هو أن نفهم أن العلاقة الإيجارية ليست فقط نصًا مكتوبًا، بل واقعًا اجتماعيًا.. وأن القانون ليس مع الورثة دائمًا، ولا ضدهم دائمًا، بل هو مع المنطق الذي يحفظ التوازن ولهذا فإن على كل من يكتب عقد إيجار أو يعيشه، أن يُفكر في ما بعده هل يعرف من بعده كيف يتعامل مع القانون؟ هل فكر في صياغة شروط واضحة لعلاقة قد تطول أكثر منه؟ في نهاية الأمر، البيوت ليست فقط جدرانًا، والمحال ليست فقط مفاتيحًا، بل هي امتداد لحياة الإنسان، وإن لم يكتبها، فلتكن على الأقل مفهومة لمن يأتي من بعده فالقانون لا يُلغى بالموت، لكنه لا يستمر تلقائيًا هو يُفعل عندما تكون اليد مشروعة، ويقف عندما تتحول إلى غصب فليُحسن كل طرف من الأطراف فهم موقعه، واحترام حق الآخر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :