facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الوجه الآخر لترامب: صانع الصفقات أم شريك الإبادة والاحتلال؟


صالح الشرّاب العبادي
13-05-2025 10:52 AM

بينما يحطّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رحاله في السعودية اليوم، في زيارة وصفها بأنها تاريخية ، تتهافت العناوين عن نيّته إعادة تحقيق مكاسب هائلة اقتصادية ، ورسم خريطة الشرق الأوسط، وتحقيق تقارب عربي-إسرائيلي جديد، في ما يُشبه تسويقاً سياسياً لحقبة سلام زائف ، لكن خلف هذه الزيارة البراقة، ثمة وجه آخر أكثر قتامة، لطالما ظهر خلال ولايته الرئاسية الأولى، حين اتخذ قرارات غيّرت قواعد اللعبة على حساب الفلسطينيين والعرب.

فترامب، الذي يتحدث اليوم عن السلام والازدهار، هو نفسه من اتخذ القرار الأخطر في العقود الأخيرة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، في أول خرق سافر للوضع القائم، ونسفٍ لاتفاقيات السلام الدولية، متذرعاً بأن الرؤساء الأميركيين السابقين لم يملكوا الشجاعة لفعل ما فعله ، بهذا القرار، منح ترامب القدس للاحتلال على طبق من ذهب، مكافئًا إسرائيل على احتلالها، وملغيًا بجرّة قلم حقوق أجيال من الفلسطينيين.

ولم يكتفِ بذلك ، فقد أعلن تأييده الصريح لضمّ الجولان السوري المحتل، وأجزاء من الضفة الغربية، في خطوة أعادت ترسيخ مبدأ الضم بالقوة ، كأمر واقع في السياسة الدولية ، دعم ترامب، علنًا وبلا مواربة، توسيع حدود إسرائيل، وصرّح بأنها دولة صغيرة يجب أن تتوسع ، وهو ما فسّرته القيادة الإسرائيلية كضوء أخضر لتكثيف الاستيطان والعدوان في الضفة الغربية، وغزة، ولبنان، وسوريا.

أما صفقة القرن ، التي تباهى ترامب بطرحها كحل نهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فقد تحوّلت إلى أداة للابتزاز السياسي، حيث وقف بكل ثقله إلى جانب بنيامين نتنياهو لإفشال أي جهد عربي أو دولي لتحقيق تسوية عادلة ، لقد عمل ترامب على تفريغ الوساطة الدولية من محتواها، وجعل من السلام غطاءً لتكريس السيطرة الإسرائيلية لا لإنهاء الاحتلال.

اقتصاديًا، لم يكن أثر ترامب أقل خطورة ، فقد تسببت قراراته الانفعالية والمفاجئة — كالحروب التجارية مع الصين، والعقوبات الاقتصادية الواسعة، وانسحابه من اتفاقيات دولية — بإرباك شديد في الأسواق العالمية، وخلخلة في سلاسل التوريد، ورفع مستويات التضخم ، كما ساهمت سياساته الانعزالية في زيادة عدم اليقين، مما ترك آثارًا سلبية على الاقتصادات الناشئة، والدول النامية، وحتى شركاء الولايات المتحدة التقليديين.

وفي سياق الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، ظهر ترامب مجددًا، وإن من خلف الكواليس، كأحد عرّابي فكرة التهجير الجماعي لسكان القطاع ، فقد تمّ تسريب خطط تقترح نقل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر أو دول أخرى تحت ذرائع إنسانية ، وبرغم محاولات تغليف هذه الأفكار بعبارات الحلول المؤقتة ، فإنها كانت إعادة إنتاج لنهج التهجير القسري ، وقد واجهت هذه الخطط رفضًا عربيًا صلبًا وقاطعًا، أسقط المشروع قبل أن يولد، وأكد أن العرب ليسوا بوابة عبور لسياسات الإلغاء والتطهير العرقي.

وها هو اليوم، يزور الخليج، على مقربة من غزة التي تشهد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث ، أطفال جوعى، مصابون بلا دواء، ومدنيون تُباد منازلهم فوق رؤوسهم، سواءاً في غزة الجريحة او الضفة التي استعمرت وتآكلت معظم أراضيها وحوصرت بالنار والجدار ، بينما تواصل إسرائيل عدوانها بغطاء أميركي واضح، وأسلحة كانت أغلبها بتوقيع ترامب وإدارته.

فهل يمكن فعلاً تصديق خطاب السلام من رجل كان شريكًا في صمت العالم على مذبحة شعب؟
هل ننسى أن دعمه غير المحدود لإسرائيل، سياسيًا وعسكريًا، هو ما مكّنها من ارتكاب أبشع الجرائم؟
وهل نغفل عن الوجه الذي لا يزال، بعد عودته إلى البيت الأبيض، يُشكل تهديدًا لفرص السلام الحقيقي في المنطقة؟

إن زيارة ترامب اليوم ليست سوى محاولة لتلميع صورة تشوّهت، لكنها تذكّرنا بأن السياسة لا تقاس بالشعارات، بل بالمواقف ، والوجه الآخر لترامب، مهما حاول إخفاءه خلف الابتسامات الدبلوماسية، سيبقى محفورًا في ذاكرة شعوبنا ، وجه رئيس منح الاحتلال كل شيء، وساهم في تمزيق ما تبقى من العدالة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :