زيارة ترامب للمنطقة إعادة صياغة بعيدا عن الأردن وحقوق الفلسطينين
المحامي الدكتور هيثم عريفج
13-05-2025 11:33 AM
تُثار في الأوساط السياسية تساؤلات عميقة حول خلفيات ودلالات زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، خاصة في هذا التوقيت الذي يشهد إعادة تموضع للعديد من القوى الإقليمية والدولية. ورغم غياب التصريحات الرسمية، إلا أن المؤشرات التي تُقرأ في سياق الترتيبات والتحركات الدبلوماسية تُوحي بأننا أمام تحضيرات لصفقة شاملة قد تطال أبعادًا سياسية وأمنية واقتصادية في آن واحد.
من زاوية تحليلية، يمكن النظر إلى الزيارة المحتملة باعتبارها جزءًا من مسار يعيد تشكيل المشهد الإقليمي ضمن تصور أميركي جديد، يهدف إلى نزع فتيل التوترات في ملفات ساخنة مثل قطاع غزة وجنوب لبنان، عبر تحجيم الدورين العسكريين لحماس وحزب الله. هذا السيناريو قد يُمهّد لإطلاق مبادرة سلام تتضمن أطرافًا عربية فاعلة مثل السعودية وسوريا، في خطوة تندرج ضمن استراتيجية إعادة ترتيب الأولويات في الشرق الأوسط.
الشق الاقتصادي في هذه الترتيبات لا يقل أهمية، إذ يُتداول أن واشنطن قد تكون بصدد فتح باب لتخفيف جزئي للعقوبات المفروضة على سوريا، وعلى الأغلب أن يكون ذلك مقابل توقيع اتفاقيات في مجالي الغاز والمعادن، ما من شأنه أن يمنح دمشق متنفسًا اقتصاديًا، ويُعيدها تدريجيًا إلى الحضور في المعادلات الإقليمية، ولكن بشروط أميركية واضحة.
في خضم هذه التحولات، يبرز سؤال جوهري حول تداعيات هذه التفاهمات على الدور الأردني المحوري تاريخيًا في ملف القضية الفلسطينية. إذ إن تجاوز الأردن في مشهد التسويات الكبرى قد يُضعف من موقعه الجيوسياسي ويحدّ من هامش تأثيره في الملفات المركزية، لا سيما تلك المتعلقة بمستقبل القدس وحق العودة.
هذا السيناريو يُعيد إلى الأذهان تجارب سابقة، حيث طُرحت "صفقات كبرى" و"فرص تاريخية" لم تكن سوى عمليات لشراء الوقت، تمهيدًا لفرض واقع سياسي جديد، يقوم على إزاحة المطالب العربية الجوهرية من الطاولة: فلا عودة للاجئين، ولا دولة فلسطينية مستقلة، ولا عاصمة في القدس الشرقية.
قد لا تكون هذه التحركات سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المبادرات التي تبدو في ظاهرها سلامًا، لكنها تحمل في طياتها تسويات تُملى بشروط غير متوازنة، وتُنتج عملية هشًة قد تعمّق الفجوات بدل ردمها. وفي ظل غياب موقف عربي موحّد، تظل فرص تحقيق سلام عادل وشامل رهينة لمصالح تتبدل، وصفقات تُعقد خلف الأبواب المغلقة.