facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الشرق الأوسط الجديد: إعادة تشكيل الخرائط في ظل تحولات الهيمنة


م. عمر الشرمان
14-05-2025 01:46 PM

رغم الطابع الاستعراضي والفكاهي الذي اتسمت به بعض خطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إلا أن ما حملته من إشارات استراتيجية لا يمكن التعامل معها بخفة. فخلف ذلك الأسلوب الترمبي، كانت تُرسم معالم جديدة لإقليم يعاد تشكيله من حيث المراكز والهوامش، وتُعاد فيه صياغة الأدوار بما يتناسب مع رؤية أمريكية ترى أن زمن الفوضى الخلاقة قد شارف على نهايته، وأن الاستقرار النسبي بات ضرورة لضمان المصالح.

يعتمد هذا التشكيل الجديد على إحياء نظريات كانت قد طُرحت سابقًا في الأدبيات السياسية، لا سيما تلك المتعلقة بإعادة الهيكلة البنيوية للإقليم. ففي كتابه "الشرق الأوسط الجديد"، طرح شيمون بيريز في تسعينيات القرن الماضي تصورًا لإقليم متكامل اقتصاديًا ومفتوح على مشاريع التعاون والتنمية، ولكن ذلك الطرح حينها كان يُنظر إليه على أنه طوباوي وغير قابل للتحقق في ظل بيئة صراعية. اليوم، يُعاد طرح الشرق الأوسط الجديد ولكن بملامح أكثر براغماتية، تستند إلى التحالفات الاقتصادية، والصفقات الأمنية، وتبدلات الولاءات السياسية.

إن اعتماد الولايات المتحدة لكل من السعودية وتركيا كمرجعيتين إقليميتين لا يأتي من فراغ، بل هو جزء من منطق التوازنات، حيث تسلم هاتان الدولتان أوراق الإقليم إلى واشنطن باعتبارها المرجعية الدولية الوحيدة القادرة على إدارة التناقضات. وفي خطاب ترمب تحديدًا، برزت أربع إشارات لافتة تؤكد أننا أمام لحظة تحول التحالف الاستثماري السعودي الذي يُتوقع أن يتوسع قطريًا وإماراتيًا، الإشارة إلى القيادة الانتقالية في سوريا، ورفع العقوبات المحتمل كمدخل لتسوية؛ التهديد بإفلاس إيران أو إغرائها بصفقة كبرى؛ وأخيرًا، مستقبل غزة كحلقة مركزية في معادلة الاستقرار.

ما يجري حاليًا هو عملية "إنضاج" لبدائل إقليمية تتقاطع في جزء كبير منها مع جوهر القضية الفلسطينية، لكنها تمضي نحو حلول تتطلب تنازلات بعضها طوعي وبعضها قسري من عدد من دول الإقليم، في ملفات شائكة كانت تعد سابقًا من ثوابت السياسات القومية أو العقائدية. هذه التنازلات تعيد إلى الأذهان ما وصفه هنري كيسنجر في نظريته حول الصفقات الكبرى (Grand Bargains)، التي تفرض على الأطراف المتورطة خيارًا مزدوجًا: إما الانهيار، أو القبول بشروط اللعبة الجديدة.

وبينما تمضي هذه الترتيبات قدمًا، فإن بعض الدول وجدت نفسها خارج دائرة التفاهمات، إما بإرادتها أو بفعل الإقصاء المتعمد. وهذه الدول التي تجاوزتها الحسابات الجديدة ستجد نفسها عاجزة عن التأثير في المخرجات النهائية، ما سيكرّس بنية تفاوت جديدة في المنطقة.

إن ملامح الشرق الأوسط الجديد لن تتبلور بالكامل إلا بعد اتضاح البدائل السياسية والأمنية المطروحة للقضية الفلسطينية، وبعد الكشف عن حجم التنازلات التي يتم تمريرها خلف الأبواب المغلقة. وحينها فقط، سيتبين ما إذا كنا أمام شرق أوسط مستقر، أم مجرد مرحلة انتقالية نحو صراع من نوع جديد أكثر تعقيدًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :