facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين الصراخ والعقل .. نختار الوطن


يحيى الحموري
18-05-2025 10:53 AM

في زمنٍ صار فيه العويل عنواناً للحقيقة، والتشنج بطاقة عبور إلى قلوب الجماهير، اخترنا طريقاً آخر… طريقاً أقل صخباً، لكنه أعمق أثراً.

اخترنا أن نكون أبناء الوعي، لا عبيد الغضب. أن نرفع الوطن لا أن نرفعه علينا، وأن نحمي الفكرة لا أن نحترق بها.

لم تعد تُغرينا الزوايا الحادة في الخطاب، ولا يفتننا الحرق السريع باسم العدالة، فالعاقل لا يُشعل وطناً ليُدفئ كبرياءه، ولا يهدم سقفاً ليعلو صوته داخله.

نحن جيل أدرك أن الوطن لا يُدار بالانفعالات، ولا يُقاد بالثارات، ولا يُنقذ بالانقضاض عليه من كل الجهات.

أدركنا أن الشجاعة الحقيقية ليست في أن تصرخ، بل في أن تتّزن.

وليست في أن تُشهِر سيفك، بل في أن تضعه حين يجب أن تُبقيه في غمده.

الوجع لا يُبرّر التهور، ولا يُبيح خيانة الإنصاف.

والمُطالبة بالحق، لا تعني التجرّد من الذوق، أو التفريط بالمسؤولية، أو تحويل القضايا إلى أدوات لتسوية خلافات صغيرة على حساب الوطن الكبير.

لا نقف على ضفّة من صعدوا على أكتاف القيم ليرتفعوا، ولا في صف من زعموا أن حب الوطن لا يكتمل إلا إن حُصر في زواياهم الضيقة.

نحن مع كل صوت صادق، حرّ، نبيل… لا يُصادر العقول، ولا يُؤلّه الذوات، ولا يُقايض الانتماء بالمصالح.

نحن الذين نحمل الألم بضمير، ونُطالب بالتصويب بإيمان، وننشد الإصلاح بلا هدم، ولا تحريض، ولا فتنة.

هذا الوطن ليس سلعة في مزاد، ولا ورقة في جيب السياسي، ولا شعاراً يُرفع ساعة الغضب ويُلقى ساعة الرخاء.

الوطن هو سؤالنا اليومي، هو طريقنا، هو أبونا الذي إن أخطأ نُصلحه، لا نرميه. وإن كبا نرفعه، لا نُشيعه.

في المشهد المرتبك، نحن الذين نثبت كجذور الزيتون، لا نتمايل كأوراق في مهبّ الصراخ.

نبني الكلمة كما تُبنى الجسور: برؤية، لا بردود أفعال.

ولذلك، نحن لا نطلب وطناً يُشبهنا، بل وطناً نرتقي لنُشبِهه… وطناً لا نصرخ فيه، بل نرتّل اسمه كصلاةٍ لا تنقطع.
وإذا سألونا: من أنتم؟.

نقول: نحن من لم نُساوم، ولم نُهادن، ولم نُخرب…

بل نحن الذين لم نصرخ، لكنّنا أوصلنا الصوت.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :