الإستعداد للإمتحانات: بين الدعم النفسي والانضباط الرقمي
هبة الحبش
20-05-2025 09:43 AM
نحن الآن على مشارف نهاية العام الدراسي، وفي أكثر الفترات حساسية في العام فترة الإختبارات أو ما تسمى بلغتنا العامية "الإمتحانات النهائية"، حيث يفرض جو الإختبارات ضغوطاً اضافية على جميع الطلاب بمختلف أعمارهم وحتى أكثرهم هدوئاً، مما يستدعي تهيئة متكاملة وعمل جماعي من أولياء الأمور و المعلمين و الطلاب أنفسهم تشمل الجانب النفسي والمعرفي والسلوكي. ومع اجتياح الوسائل الرقمية الداعمة للعملية التعليمية بين الطلاب وتراجع دور الأهل في عملية التوازن الرقمي الدراسي ، تبرز الحاجة إلى وضع خطط وبرامج واقعية تعمل على تحقيق توازن صحي بين التحصيل الأكاديمي والاستخدام الواعي للتكنولوجيا، خاصة في ظل اختلاف احتياجات وسلوكيات الأجيال الرقمية المعاصرة.
ويعيش الطلاب – بمختلف أعمارهم – فترةً مشحونةً بالتوتر والضغوطات، تتبعها عطلة صيفية طويلة قد تتحوّل إلى وقت ضائع ما لم يُدار بحكمة. وفي قلب هذه المرحلة الحرجة، يقف الآباء والأمهات أمام مسؤولية مضاعفة: دعم أبنائهم نفسيًا خلال الامتحانات، وتوجيههم رقميًا وسلوكيًا بعد انتهاءها.
لكن... هل نستخدم نفس الأساليب مع كل الأبناء؟ بالطبع لا. ففروقات الأجيال تفرض علينا مرونة وفهمًا أعمق لإحتياجات كل فئة عمرية.
وهنا يبرز دور المرشد التربوي بتقديم برامج و جداول مقترحة تساعد كل جيل على حِدة في تنظيم وقته والاستعداد لهذه المرحلة على أتم وجه وارسال بعض الرسائل و التوجيهات لأولياء الأمور لتوعيتهم عن الفروقات الظاهرة لهذا الجيل و يجب أن يعي الأهل أنّ لكل جيل خصائصه النفسية والسلوكية الخاصة فيه.
ولفهم ردود أفعال الطلاب يجب توضيح الأجيال المهيمنة على مقاعد الدراسة، وهما جيل ألفا(2010 فما بعد) و جيل زد (من منتصف التسعينات إلى 2010)، حيث أنّ جيل زد هو جيل المراهقين و اليافعين من طلابنا وهم جيل يميلون إلى القلق من المستقبل، ويقارنون أنفسهم بغيرهم عبر وسائل التواصل.لذا يحتاجون إلى من يسمعهم دون أحكام، و يتأثر بالضغوط المجتمعية والمقارنة، ويبحثون عن المعنى الشخصي؛ لذا ينفع معهم الحوار حول أهمية التعليم للذات، وليس فقط لتحقيق الرضا الأسري ومنحهم الثقة بأنّ الامتحانات ليست مقياسًا للنجاح الحقيقي.
على غرار جيل الألفا جيل الأطفال و براعم المستقبل الرقمي وهو جيل كامل يعيش في عالم رقمي بحت، يعتمد على المحفزات البصرية والأنشطة القصيرة؛ لذا يحتاج إلى خطط مذاكرة تعتمد على فترات قصيرة ومتقطعة، مع أدوات تعليمية رقمية تفاعلية ، وقد يجد صعوبة في التركيز أو الجلوس لفترات طويلة دون جهاز رقمي ويكمن دعمهم في تنظيم البيئة من حولهم، وتشجيعهم بالمكافآت الصغيرة والراحة البصرية.
ويأتي هنا أهمية الجمع بين الدعم النفسي والانضباط الرقمي الذي يُعدّ أساسًا للدور التربوي الفعّال خلال فترة الاختبارات. فمن خلال فهم الفروقات بين الأجيال واعتماد أساليب مرنة تناسب كل جيل وتقليل الفروقات فيما بينهم مستندين إلى مبادئ علمية، يمكن تحويل هذه المرحلة من مصدر للتوتر إلى فرصة لتعزيز النمو والتوازن والترابط بين أفراد الأسر. ويتحقق ذلك عندما يقدّم الأهل لأبنائهم بيئة داعمة تناسب متطلبات الحياة الحالية على غرار متطلبات الأجيال السابقة، وتستمع لهم بتفهم وفتح بوابة النقاش لتقريب وجهات النظر فيما بينهم بعيداً عن إطلاق الأحكام، ومشاركة مخاوف الأهل مع ابنائهم لفهم حجم المسؤولية المترتبة عليهم، و كما يتطلب الأمر وضع قواعد صارمة للاستخدام الرقمي، مثل تحديد أوقات الشاشات خاصةً في فترة الإختبارات والتأكد من خلو غرف النوم من الأجهزة ليلاً، لضمان التركيز والنوم الصحي.
وكما هو معروف ومتداول أن القلق المرتبط بالامتحانات يؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي، ويظهر بأشكال متعددة، منها: اضطرابات النوم، فقدان الشهية، تقلب المزاج، وأحيانًا الميل إلى الانسحاب أو العدوانية.
وختامًا، فإنّ مرحلة الامتحانات ليست مجرد تحدٍ أكاديمي، بل فرصة لبناء مهارات نفسية وتنظيمية لدى الطلاب، بدعم واعٍ من الأسرة والمدرسة. من خلال فهم طبيعة الجيل، وتنظيم البيئة الدراسية، وضبط السلوك الرقمي، يمكننا مساعدة أبنائنا على عبور هذه المرحلة بثقة واتزان.
* أخصائية إرشاد أسري ورقمي.