facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية: خطرٌ يهدد الحياة


د. غسان التلاحمة
20-05-2025 10:32 AM

في عصرٍ ظننا فيه أن الطب الحديث قادرٌ على السيطرة على جميع أنواع العدوى، تفاجأ العالم بتحدٍّ خطير يهدد هذه الإنجازات: البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. هذه الظاهرة، التي تفاقمت بسبب الاستخدام العشوائي وغير المدروس للمضادات، جعلت بعض الالتهابات الشائعة، مثل التهابات المسالك البولية، تتحول إلى كابوسٍ طبي يصعب علاجه، بل وقد يهدد حياة المرضى.

عندما تتحول العدوى إلى معركةٍ شرسة

كثيرٌ من المرضى يلجأون إلى المضادات الحيوية بمجرد الشعور بأعراض التهاب المسالك البولية، دون استشارة طبية أو إجراء التحاليل اللازمة. والنتيجة؟ بكتيريا تزداد مقاومة، وعلاجات تصبح غير فعالة، وحالات بسيطة تتطور إلى مشكلات خطيرة. لكن عندما تصل الأمور إلى حد تهديد الحياة، يصبح الأمر أكثر من مجرد مشكلة طبية، بل كارثة صحية حقيقية.

قصة مريض: من التهاب بسيط إلى صراع مع الموت

أحد المرضى الذين راجعوني في العيادة كان يعاني من التهاب شديد في المسالك البولية. في البداية، بدا الأمر عادياً، لكن بعد إجراء التحاليل، اكتشفنا أن البكتيريا لديه مقاومة لجميع المضادات الحيوية الفموية المتاحة. مع تفاقم الأعراض وارتفاع حرارته، اضطررنا إلى إدخاله المستشفى، لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد.

رغم استخدام المضادات الحيوية الوريدية، لم تتحسن حالته، بل ازدادت سوءًا. أصيب المريض بتسمم دموي، وهي حالة مهددة للحياة تحدث عندما تنتشر البكتيريا في مجرى الدم. تم نقله إلى العناية المركزة، حيث خضع لعلاج مكثف بمضادات حيوية من الجيل الأخير، تُعطى فقط في أصعب الحالات. كان علاجه أشبه بسباق مع الزمن، حيث استخدمنا عدة أنواع من المضادات مع مراقبة مستمرة لوظائف أعضائه الحيوية. بعد أسابيع من الكفاح الطبي، نجحنا في السيطرة على العدوى، لكنه خرج من المستشفى بإدراك عميق أن تناول المضادات الحيوية بلا ضوابط قد يكون قاتلاً.

ما هو دورنا في وقف هذه الكارثة؟

مقاومة المضادات الحيوية ليست مشكلة فردية، بل أزمة صحية عالمية تتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف:

المرضى: عدم تناول المضادات الحيوية إلا بوصفة طبية، وإجراء التحاليل اللازمة قبل البدء بالعلاج، والالتزام بالجرعات الكاملة.

الأطباء: وصف المضادات الحيوية فقط عند الضرورة وبعد التشخيص الدقيق، وتوعية المرضى بخطورة الاستخدام العشوائي.

الصيدليات: عدم صرف المضادات الحيوية دون وصفة طبية، وعدم الترويج لها على أنها علاج لكل داء.

الدور الحكومي: خط الدفاع الأول

على الحكومات دورٌ أساسي في السيطرة على انتشار المقاومة البكتيرية من خلال:

فرض رقابة صارمة على صرف المضادات الحيوية، ومنع بيعها بدون وصفة طبية.

إطلاق حملات توعية واسعة النطاق لشرح خطورة الاستخدام العشوائي.

تشديد الرقابة على المستشفيات والعيادات لضمان الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية.

تشجيع الأبحاث حول تطوير مضادات جديدة، لمواجهة السلالات البكتيرية المقاومة.

هل نعود إلى عصر ما قبل المضادات الحيوية؟

قبل اكتشاف المضادات الحيوية، كانت أبسط أنواع العدوى قادرة على إنهاء حياة الإنسان. لم تكن التهابات المسالك البولية، أو حتى الجروح البسيطة، مجرد أمراض عابرة، بل كانت مهددة للحياة. اليوم، ومع ازدياد مقاومة البكتيريا، نجد أنفسنا أمام خطر العودة إلى ذلك العصر، حيث تصبح المضادات الحيوية بلا جدوى، ويصبح علاج الالتهابات البسيطة مستحيلاً. إن لم نتحرك الآن، فقد نجد أنفسنا أمام سيناريو لم يكن يخطر ببال أحد: عالم بلا مضادات حيوية، حيث قد يصبح التهاب بسيط سببًا في فقدان الحياة.

المعركة ضد مقاومة المضادات الحيوية هي مسؤوليتنا جميعًا، فهل ندرك حجم الخطر قبل فوات الأوان؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :