BTEC يقرع أبواب الجامعات الأردنية: هل من مستجيب؟
أ. د. ابراهيم بظاظو الكردي
21-05-2025 07:21 AM
يشكل برنامج BTEC البريطاني واحدًا من أهم برامج التعليم المهني التي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم الأردنية في السنوات الأخيرة، بهدف توفير مسارات تعليمية بديلة تلبي احتياجات سوق العمل وتواكب التطورات العالمية في مجال التعليم والتدريب المهني، ويستهدف البرنامج تجهيز الطلبة بمهارات تطبيقية متخصصة تؤهلهم لدخول سوق العمل بكفاءة، أو متابعة دراساتهم في مجالات تقنية وعلمية متعددة، ومع توسع أعداد الطلبة الملتحقين بهذا البرنامج، تبرز إشكالية حقيقية تتعلق بـجاهزية الجامعات الأردنية لاستقبال خريجي BTEC ضمن منظومة التعليم العالي التقليديةK فبينما تنجح المدارس في تجهيز طلبة يحملون هذا المؤهل، إلا أن الجامعات لا تزال تعاني من نقص في الهيكلة التنظيمية والبرامج الأكاديمية التي تستوعب خصائص هذا النوع من التعليم.
أما فيما يتعلق بواقع البنية التعليمية الجامعية، نجد أن الجامعات الأردنية تاريخيًا، صممت أنظمة قبولها وبرامجها الدراسية على مقاييس التعليم العام التقليدي، والذي يعتمد على شهادة الثانوية العامة التوجيهي. لذلك، فإن التحول نحو قبول الطلبة الحاصلين على شهادات مهنية مثل BTEC، يتطلب مراجعة شاملة لأنظمة القبول، وتطوير المناهج الأكاديمية، وتأهيل الكوادر التدريسية للتعامل مع هذه الفئة التعليمية المختلفة، ومع الأسف، لم تتوفر بعد البنية التحتية الأكاديمية اللازمة، مثل برامج تعليمية مخصصة تستوعب المحتوى التطبيقي والمهني لـ BTEC، ولا توجد آليات واضحة تسهل انتقال الطلبة من التعليم المهني إلى الجامعي، مما يضع هؤلاء الطلبة في حالة من عدم اليقين والارتباك حول مستقبلهم الأكاديمي.
ينعكس هذا الواقع سلبًا على الطلبة الذين يلتزمون بمسار BTEC، حيث يواجهون صعوبات حقيقية في إكمال دراستهم الجامعية أو الانتقال إلى تخصصات تتناسب مع مهاراتهم، مما قد يؤدي إلى إحباطهم وفقدان الحافز، بالإضافة إلى فقدان فرص الاستفادة من طاقاتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن هذه الفجوة تؤثر على المجتمع الأردني بشكل عام، حيث يتناقص الاستفادة من مخرجات التعليم المهني في دعم الاقتصاد الوطني، خاصة في القطاعات التي تحتاج إلى كوادر فنية ومهنية متخصصة.
تأتي هذه التحديات في وقت تسعى فيه المملكة إلى تحقيق رؤية 2025 التي تركز على تطوير رأس المال البشري وتعزيز التعليم التقني والمهني. ولهذا، فإن الحاجة ملحة إلى تعاون مشترك بين وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، والجامعات الأردنية، لتطوير خطط واستراتيجيات واضحة لاستيعاب وتأهيل خريجي BTEC. ويشمل ذلك تحديث أنظمة القبول الجامعي بحيث تتيح فرصة متكافئة لخريجي BTEC، وإطلاق برامج أكاديمية متخصصة تستجيب لمتطلبات هذا النوع من التعليم، بالإضافة إلى تدريب أعضاء هيئة التدريس وتأهيلهم لفهم وتحفيز الطلبة الذين يحملون مؤهلات مهنية، كما يجب أن تتضمن الخطط حملات توعوية وإعلامية لتعزيز فهم المجتمع والمؤسسات التعليمية لقيمة التعليم المهني وأهميته في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
يمثل برنامج BTEC فرصة ذهبية لتطوير التعليم في الأردن ورفع كفاءة القوى العاملة، ولكن هذه الفرصة لن تتحقق بشكل كامل ما لم تستجب الجامعات الأردنية لهذا التحدي بتحديث بنيتها وبرامجها التعليمية، لتكون قادرة على احتضان خريجي التعليم المهني الجديد. وفي ظل استمرار التباطؤ، فإننا نهدد مستقبل جيل كامل من الشباب الطموح الذي يمكن أن يكون عماد التنمية الوطنية.
السؤال يبقى: هل ستفتح الجامعات أبوابها كاملة لخريجي BTEC، أم سنتركهم عالقين بين مسارين تعليميين لا يلتقيان؟.