الزيارات الميدانية للرئيس والوزراء
سامي شريم
24-05-2025 08:43 AM
كثر الحديث عن ضرورة الزيارات الميدانية لرئيس الوزراء والسادة الوزرء كل في مجال اختصاصه وكأن العمل التنفيذي لا يُنجز إلا بوجودهم المادي في مواقع الخدمة ولكن السؤال الجوهري هو هل وظيفة هؤلاء القادة من الصف الأول أن يتنقلوا بين الهيئات والأسواق والمستشفيات والمؤسسات العسكرية والمدينة لمتابعة التفاصيل أم أن واجبهم الحقيقي هو ممارسة الإدارة العليا بكفاءة عبر أدوات التخطيط والتنظيم والتنسيق والرقابة والتقييم وإصدار القرارات القادرة على إحداث التغيير المطلوب في الأداء الحكومي.. هؤلاء ليسوا مراقبين ولا مفتشين بل هم صناع سياسة وواضعو رؤية وبناة منظومة ومهمة القيادة في الدولة لا تتم بالحضور الفيزيائى بل بحضور العقول المتمثلة بالقرارات والتعليمات والأنظمة وحضور هيبة الوزير والتى لا تتحقق بالنزول للميدان بل بتفعيل الأدوات المؤسسية التي تضمن مراقبة الميدان دون الحاجة إلى الحضور الشخصي
حضور الصف الأول من القيادة يجب أن يُقاس بمدى نجاعة التخطيط ودقة القرار لا بعدد الجولات الميدانية أو مرات الظهور الإعلامي رئيس الوزراء الذي يزور سوقا تموينيا أو يتابع اسعار الخضار او يضبط متجرا يبيع بطاريات سيارات بدون فواتير إنما يعكس غياب أدوات الرقابة لا قوتها ويكرس فكرة مركزية التنفيذ بدلا من توزيع الصلاحيات والتفويض السليم للأجهزة التنفيذية والرقابية كما أن الوزير الذي يطوف بين المستشفيات أو يفتتح غرف الطوارئ لا يقود الوزارة بل ينشغل بمهام الصف الثاني والثالث على حساب مسؤولياته في رسم السياسات وتوجيه القيادات وإدارة الأداء من الأعلى الوزير الناجح هو من يحسن اختيار فريقه ويقيم الأداء عبر مؤشرات دقيقة ويتدخل عندما تفشل المنظومة لا عندما تحتاج إلى صورة إعلامية.
الحكومة لا تُقاس بنشاط الحضور الميداني بل بفاعلية إداراتها في التطبيق وبقوة النظام الإداري الذي يدير ويتابع ويحاسب الوزير القوي ليس من يلتقط الصور في مواقع التنفيذ بل من يبني نظاما يعمل بصمت ويُنجز باحتراف ويقود مرحلة تطوير لا استعراض الوزير القائد هو من يتخذ القرار الصعب لا من يترك انطباعا مؤقتا والرئيس القائد هو من يوجه دولة لا من يدير متجر خضار.
القوة في الإدارة لا تظهر في الكاميرا بل في الأثر ولا في الزيارة بل في النتيجة الوزير ورئيس الوزراء يقودان لا ينفذان يرسمان لا يسجلان حضور.
هيبة الموقع القيادي تكمن في قدرته على إدارة المنظومة لا في مرافقة عدسة تلفزيون هيبة القيادة هي في الرؤية لا الحركة وفي القرار لا الانطباع.