facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لا الكذب ملح الرجال ولا السياسة مبرر للإنحطاط الأخلاقي


المحامي الدكتور هيثم عريفج
24-05-2025 11:54 AM

لطالما ترددت في المجالس الشعبية مقولة "الكذب ملح الرجال"، وكأن الكذب يُبرَّر حين يصدر عن الرجل، ويُعتبر نوعًا من الذكاء الاجتماعي أو الحنكة. غير أن هذا القول لا يعدو كونه تزييفًا للحقائق وتشويهًا لقيمة الرجولة الحقة. فالكذب لا يضيف رجولة، بل ينتقص منها، ولا يرفع مقام صاحبه، بل يُسقطه في أعين الناس ويُفقده احترامهم.

الرجولة، في جوهرها، لا تُقاس بالصوت المرتفع أو المظهر الخارجي، بل تُقاس بالمبادئ، وأهمها الصدق. الإنسان الصادق يتحلى بالشجاعة الأدبية، ويملك الجرأة لمواجهة الواقع دون تزوير أو خداع. وهو بذلك يكسب ثقة من حوله، ويترك أثرًا طيبًا لا يُمحى. أما الكاذب، فمهما نجح في إخفاء الحقيقة مؤقتًا، فإن كذبه لا يلبث أن يُكشف، ويهوي به إلى دركٍ سحيق من فقدان المصداقية.

الصدق لا يعني الغلظة في الطرح، بل يعني النزاهة في القول، والإخلاص في الفعل، والاتساق بين المبادئ والسلوك. وهو خُلق لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل يمتد ليشمل المؤسسات والأنظمة، وعلى رأسها السياسة.

كثيرًا ما يُقال إن السياسة مجال للكذب والمراوغة، وإنها بطبيعتها "قذرة"، وهذا قول يُجانب الصواب. فالحقيقة أن السياسة، في أصلها النبيل، فن إدارة شؤون الناس وتحقيق الصالح العام، وهي لا تستقيم ولا تُثمر إلا إذا قامت على الصدق والشفافية والمسؤولية. حين يُبنى الخطاب السياسي على المصداقية، تُبنى جسور الثقة بين القادة والشعوب، ويُحقق الاستقرار، وتُصان الكرامة الوطنية.

وقد خلد التاريخ أولئك السياسيين الذين صدقوا مع أنفسهم وشعوبهم، فصاروا رموزًا في الضمير الإنساني، من أمثال المهاتما غاندي، ونيلسون مانديلا، والملك الحسين بن طلال، الذين امتازوا بالحكمة، والصدق، والالتزام بالقيم العليا. أما من جعلوا من الكذب منهجًا، ومن التضليل أداة حكم، فقد لفظهم التاريخ، ولا تزال الشعوب تذكرهم بسوء، وتلعن آثارهم.

إن الكذب، سواء في الحياة الشخصية أو في المجال العام، ليس وسيلة مقبولة ولا حيلة مشروعة. بل هو مظهر من مظاهر الضعف، وخيانة للثقة، وانحدار في السلوك.

فلنُعِد الاعتبار للصدق، ولنجعله أساسًا في تعاملاتنا، أفرادًا ومجتمعات، مواطنين وقادة، إذ به تُبنى الحضارات، وتترسخ العدالة، وتُصان القيم الإنسانية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :