facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عيد الاستقلال الـ 79: الأردن يصنع الكرامة ويُصدّر الإنسانية


الدكتور وسام الزعبي
24-05-2025 06:54 PM

بين تقاطعات المصالح والتحولات الحادة، في المشهد الإقليمي المزدحم بالصراعات، يظل الأردن شامخًا على ضفة التاريخ، ممسكًا بثوابته، ثابتًا على مواقفه، لا تضعفه التحديات، ولا تشتته الأزمات. وفي الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، لا نحتفي بمجرد ذكرى سيادية، بل نستعيد سيرة وطن اختار أن يكون كبيرًا بمواقفه، نبيلاً في سلوكه، شجاعًا في نطقه، وإنسانيًا في جوهره.

منذُ أن بزغ فجر الاستقلال في الخامس والعشرين من أيار ، والأردن ينسج حضوره بعقل الدولة، وقلب الأمة، وسلوك الإنسان. لم يكن استقلاله لحظة انسحاب استعمار فحسب، بل كان لحظة التأسيس لهوية سياسية فريدة؛ هوية تقوم على الاعتدال لا الحياد، وعلى الانخراط لا الانعزال، وعلى نصرة الحق لا التفرج عليه.

لقد واجه الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الواعي، تقلبات جواره بكل وعيٍ وثبات، ولم تغوِه الشعارات الرنانة، ولم تسقطه الضغوط المتراكمة، بل اختار طريقًا أكثر وعورة، طريق الثبات على المبادئ، والتوازن في السلوك، والنزاهة في الخطاب. وكان له ما أراد؛ دولة تحظى باحترام العالم، وموقف يُشار إليه بالبنان، وقيادة تتكئ على الشرعية التاريخية والدينية، وتُجيد فن الدبلوماسية من منبر الأمم المتحدة إلى خطوط النار في الميدان.

في الوقت الذي انسحب فيه كثيرون إلى الداخل، أو تورطوا في محاور الاستقطاب، كان الأردن يُرسل جنوده إلى مهام حفظ السلام، ويقيم المستشفيات الميدانية في فلسطين وغزة، ويفتح أذرعه للنازحين واللاجئين. لم يكن ذلك استعراضًا سياسيًا ولا استثمارًا إعلاميًا، بل كان التزامًا أخلاقيًا ينبع من جوهر الدولة الأردنية، نصرة المظلوم، مهما كانت الكلفة.

ويبرز في هذا السياق الحضور القوي لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الذي لم يتردد يومًا في التعبير عن موقف الأردن من قضايا الأمة، لا سيما القضية الفلسطينية، بخطاب عقلاني شجاع لا يقبل المساومة. من واشنطن إلى بروكسل، ومن الأمم المتحدة إلى المحافل الإقليمية، ظل صوت الملك يعبر عن ضمير عربي نقي، وعن رؤية إصلاحية نابعة من عمق التجربة، لا من سطح المجاملات.

لقد حمل جلالته لواء القدس بصلابة من يعرف أن هذا الملف ليس ملفًا سياسيًا فحسب، بل قضية شرف وكرامة وهوية. لم تكن تصريحاته في المنابر الغربية مجرد بيانات دبلوماسية، بل مواقف مدروسة تزن كل كلمة، وتعي أبعاد كل رسالة، وتتحمل في سبيلها ما تتحمله الدول العظمى، بموارد محدودة ولكن بإرادة لا تنكسر.
وفي خضم هذا المشهد، لا يمكن الحديث عن حاضر الأردن ومستقبله دون التوقف عند شخصية ولي العهد، الأمير الحسين بن عبد الله الثاني. هذا القائد الشاب لا ينهض بدور تمثيلي، بل يتحرك بثقة رجل الدولة، وإحساس القائد، ووعي الشاب الذي يعرف أن المستقبل لا يُهدى بل يُصنع. لقد أثبت سموه، في حضوره المحلي والدولي، أنه ليس فقط وريث العرش، بل وريث الوعي، والشراكة الشعبية، والمسؤولية التاريخية. إنه قائد شاب يحمل على عاتقه أمانة تاريخ عريق ومسؤولية وطن كبير، يجمع بين رؤية المستقبل وإرث الأجداد، ليكون صمام أمان الأردن في أصعب الظروف، ويقود بحكمة وثبات نحو غد مشرق، حاملاً في قلبه نبض شعبه وأمل أمة بأسرها.

عيد الاستقلال الأردني ليس مجرد احتفال سنوي، بل هو تذكير دائم بأن الكرامة تُصنع في ميادين الفعل، لا في أرشيف الكلمات، وأن الدولة القوية ليست تلك التي تملك المال والسلاح فقط، بل التي تملك موقفًا أخلاقيًا، وتاريخًا نظيفًا، وقيادة تعرف أن الكلمة قد تكون أحيانًا أقوى من الرصاصة.

في عامه التاسع والسبعين، لا يزال الأردن يقدم للعالم درسًا في فن الممكن الأخلاقي، إذ لا يساوم على القيم، ولا يبيع المواقف، ولا يُرهن استقلاله السياسي مقابل فتات المصالح، إنه الأردن الذي نحب، ونفتخر به، وننتمي إليه، قيادةً وشعبًا، حاضرًا ومستقبلًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :