facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في عيون الشباب .. طموح يضيء الطريق وأحلام تُزهر المستقبل


د. أسيد مطر
29-05-2025 10:14 PM

في قلب كل شاب، يسكن حلم. لا يُرى، لكنه نابض، حي، يشبه تلك الشرارة التي تشتعل في اللحظة الأولى للفجر. الحلم الذي لا تُمليه الظروف، ولا يُقيده الواقع، بل يُولد من عمق الإحساس بالقدرة، ومن يقينٍ داخلي يقول: "أنا أستطيع". في كل مدينة، في كل قرية، في كل زاوية من زوايا الوطن، هناك شاب ينظر إلى الأفق ويقول في نفسه: "أريد أن أترك أثري… أريد أن أكون شيئًا لهذا العالم".

الشباب ليسوا مرحلة زمنية عابرة، بل هم الطاقة التي تُحرك التاريخ، والمادة الخام لأي تحول حقيقي. إنهم الحكاية التي تبدأ حين يقرر الإنسان ألا يكون متفرجًا، بل صانعًا. ترى في عيونهم جرأة السؤال، وقلق البحث، ولهفة الوصول. هم ذلك النبض المتجدد في قلب الأوطان، وهم الأمل الذي يزهر على أطراف التحديات.

لكن الطموح وحده لا يكفي. فالحلم يحتاج إلى أدوات. لا يكبر الحلم إلا حين يُروى بالتجربة، ويُنحت بالخبرة، ويُصقل بالمعرفة. العالم اليوم لا يمنح فرصه لأولئك الذين ينتظرون، بل لأولئك الذين يُبادرون، يُغامرون، ويواصلون رغم العثرات. وهنا، يتجلى دور الشاب الحقيقي، ليس فقط كطالب في قاعة دراسية، بل كمشارك في صياغة الحاضر والمستقبل، كفردٍ يتحمل مسؤولية ذاته، ومجتمعه، ووطنه.

لم تعد الشهادة وحدها جواز عبور إلى النجاح. في عصر يتغيّر بسرعة البرق، أصبحت المهارات الناعمة ضرورة لا رفاهية. مهارة التحدث بوضوح، الاستماع باهتمام، العمل بروح الفريق، التفكير النقدي، والقدرة على التكيّف... كلها مفاتيح لا تفتح أبواب الوظائف فحسب، بل تفتح أبواب الحياة.

وتأتي الشخصية في صلب هذا المشهد؛ فالشاب المتوازن، الواثق، الذي يعرف متى يتكلم، ومتى يصمت، ومتى يقود، هو من يصنع الفرق في كل مكان يتواجد فيه.

ولكي تُصقل هذه الشخصية، لا بد من الخروج عن المألوف، والبحث عن التجارب خارج حدود المناهج. الأنشطة اللامنهجية، الأعمال التطوعية، ورش العمل، المؤتمرات، المبادرات الطلابية، الرحلات، وحتى المواقف البسيطة التي تُعلّم التواضع أو الصبر أو القيادة، هي التي تُبني الإنسان الحقيقي. في هذه المساحات، يكتشف الشاب نفسه، يرى نقاط قوته وضعفه، ويبدأ في تشكيل صورة أوضح عمّن يريد أن يكون.

وتعلُّم المهارة لا يعني فقط كسب وظيفة أفضل، بل يعني أيضًا تقديم شيء حقيقي لهذا الوطن. فخدمة الوطن لا تكون فقط برفع الشعارات أو التغني بالأمجاد، بل في بذل الجهد من أجل رفعته، في الإخلاص في العمل، في السعي من أجل التطوير، في إتقان المهمة، في المبادرة بالفكرة، في التطوع لخير المجتمع، وفي الحلم بمستقبل يليق بتضحيات من سبقونا.

عندما يعمل الشباب على تطوير ذواتهم، فإنهم لا يصنعون نجاحهم الشخصي فحسب، بل يدفعون عجلة الوطن نحو التقدم والازدهار. كل مهارة جديدة تُكتسب، كل فكرة تُولد، كل مشروع يُبنى، هو لبنة في بناء وطنٍ أقوى، أكثر إشراقًا، أكثر استحقاقًا لأبنائه.

ووسط كل هذا الجهد، لا بد أن نكون واقعيين. ليست الرحلة سهلة، والعقبات ليست قليلة. هناك من يشعر بالإحباط، من يُثقل كاهله الانتظار، من يُطارد حلمه بلا دعم، بلا فرص، بلا صوت يسمعه. لكن حتى في أقسى الظروف، يظل الأمل حيًا. وما دام هناك شاب يؤمن، فهناك دائمًا بداية جديدة.

على المجتمع أن يرى في الشباب طاقة لا مشكلة، فرصة لا عبئًا. لا بد من أن تمتد أيدي الثقة والتوجيه، من الأسرة، من المدرسة، من الجامعة، من المؤسسات، من الدولة، لتحتضن هؤلاء، لتُعلّمهم وترافقهم وتُؤمن بهم. فكل بذرة لا تجد تربة حاضنة، تذبل. وكل طاقة لا تُستخدم، تنطفئ.

أيها الشباب... لا تنتظروا أن يُصنَع العالم من أجلكم، بل اصنعوه أنتم بطريقتكم. لا تيأسوا من المحاولة، لا تملّوا من التعلم، لا تخافوا من الفشل. افعلوا كل ما يمكن، ولو كان بسيطًا، لأن كل خطوة تُضاف، وكل مهارة تُكتسب، وكل نية صادقة في التغيير، تقود في النهاية إلى ما هو أعظم.

ثقوا بأنفسكم، واسعوا إلى أن تكونوا أنتم الجيل الذي يُقال عنه: "هؤلاء لم ينتظروا، بل تقدّموا… لم يطلبوا، بل صنعوا… لم يحلموا فقط، بل عملوا حتى أصبح الحلم وطنًا يزدهر بهم، ويتقدم معهم".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :