من الواضح أن المرحلة التي يمر بها المجتمع الاردني هي مرحلة انتقالية من نوع فريد، مرحلة تُفقدنا التوازن المجتمعي تدريجياً دون أن نشعر. فأكثر ما نحتاجه حالياً هو الجدية بِدَقّ ناقوس الخطر.
إن الإختلالات الواضحة في التركيبة الاجتماعية الحديثة تلقي بظلالها على السّلم المجتمعي، فانتشار البطالة بين الشباب سيزيد من نسب الجرائم والانحراف الفكري فالفقر بوابة البؤس والمنفذ الرئيسيي لانحرافات سلوكية وبالتالي العزوف عن الزواج، لم يعد الزواح ذلك الحلم الذي يدغدغ خيالات الشباب بل اصبح هاجساً يحاول الشباب عدم الاقتراب من أسواره، لا يكاد بيت اردني يخلو من وجود شاب او شابة تجاوزت اعمارهم سنّ الزواج لكنهم لايستطيعون اليه سبيلا.
إنّ المبالغة والمغالاة في المهور ليست وحدها السبب المباشر لعزوف الجنسين عن الزواح بل تأمين المتطلبات الأساسية لعش الزوجية وتوابعه وما طرأ من تغيرات فكرية دخيلة هو الذي يشكل عائقاً أمام التحديات المقبلة وبالتالي الخوف من الفشل من الدخول إلى القفص الذهبي الذي أصبح سجناً محاطاً بهالة من المتطلبات التي اصبحت ضرورة وليست ترفاً.
إن أعداد من هم في سن الزواج (من الذكور والاناث على حدٍّ سواء) ولم يتزوجوا أصبحت تنذر بالخطر وتتطلب من الجهات الرسمية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني أخذ دورها بشكل مسؤول للحفاظ على التوازن المجتمعي الاردني.
لا بد من دق ناقوس الخطر لما يحدث من إضعاف النسيج الداخلي وهشاشة التركيبة الداخلية لينذر بخطر محدق تسببت به سياسات الحكومات المتعاقبة التي ساهمت في تهميش وتغييب دور الشباب في بناء مجتمعهم على الصورة التي يتمنون، فأصبح شباباً تائهاً بدون هدف وبلا أدنى مقومات حياة مستقبلية كريمة.
بطبيعة المجتمع الاردني المحافظ لا زال يخجل من الخوض في مسائل تمسّه بالصميم فالشابة تشعر بالحرج، واصبح الشاب الذي فاته قطار الزواج عبئاً عاطفياً على اسرته فيتمنون له الحصول على الوظيفة لاستكمال نصف الدين.
إن ظاهرة هروب رب الأسرة وتركه لأسرته تصارع في ركب الحياة هي ظاهرة حديثة لكنها بدأت تطفو على السطح الخجول.
لا يهمنا العنب فما يهمنا حقاً هو أن يلتفت الناطور لكرمه قبل ان نخسر عنب الشام ويتلف بلح اليمن.
على العائلات الاردنية التنازل عن بعض الإرث المجتمعي الذي يرهق توازننا المجتمعي لنحافظ على الاستقرار فالمغالاة بالمهور ووضع الشروط هي قيود مجتمعية آسِرة.
نريده مجتمعاً متوازناً مستقراً آمناً تنعم فيه جميع الشرائح بكامل حقوقها المشروعة ليكتمل البناء.
على الحكومات ان تقوم بواجبها ولو قليلاً وسيأتي المستقبل من تلقاء نفسه..