منتدى تَوَاصُل 2025 حوارُ حول المُستقبل
بشر محاسنة
02-06-2025 02:17 PM
تحت رعاية سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني المعظم، اختُتمت فعاليات منتدى تَواصُل 2025، الذي جاء كمبادرة مثمرة من سموه، تأكيدًا لإيمانه العميق بدور الشباب وأهمية تمكينهم ليكونوا شركاء فاعلين في بناء مستقبل الأردن.
انطلق المنتدى من قناعة راسخة بأن الحلول لا تأتي بقرارات فوقية، بل من خلال حوار صادق ومباشر، تُفتح فيه العقول والقلوب، وتُطرح فيه الأسئلة الكبرى دون تردد. فبدلًا من الاكتفاء بتوصيف الواقع، ذهب تَواصُل إلى جذوره، وطرح تساؤلات جريئة من قبيل: لماذا لم ننجح بما يكفي؟ وماذا يتطلب المستقبل منا؟ هذه الروح النقدية المسؤولة هي ما ميز المنتدى عن سواه من الفعاليات.
منذ اللحظة الأولى، شعر المشاركون أن المنتدى مختلف. كل زاوية فيه صممت لتعكس روح المشاركة والتفاعل؛ فالساحة الخارجية كانت تعجّ بالطاقة الشبابية، بالأنشطة التفاعلية والمساحات الحرة للتعبير، بينما القاعات امتلأت بالنقاشات العميقة، حيث يعلو صوت الحوار الهادئ على ضجيج المزايدات. لم يقتصر الحضور على النخب، بل عكس فسيفساء أردنية نابضة بالتنوع، أكدت أن كل صوت مهم في رحلة البناء.
شملت محاور المنتدى هذا العام موضوعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، التعليم المهني، ريادة الأعمال، الفن والثقافة، السياحة، والإصلاح الإداري. لم تُطرح هذه القضايا كملفات منعزلة، بل كأجزاء مترابطة من مشروع وطني متكامل يستدعي تشبيك الجهود والتفكير بمنطق التغيير لا التجميل.
ويُحسب لمؤسسة ولي العهد الدور الريادي في تنظيم المنتدى بحرفية عالية وروح شبابية حقيقية، حولت الحدث من مجرد فعالية إلى حالة وطنية حوارية، شارك فيها الشباب ليس كمستمعين، بل كشركاء. ظهر الجهد التنظيمي جليًا في كل تفصيلة: من اختيار المحاور، إلى تنوّع المتحدثين، إلى البنية التحتية الذكية التي مكّنت من البث المباشر وربط المحافظات كافة في نقاش وطني موحّد.
وقد لخّصت كلمة سمو ولي العهد جوهر المنتدى، حين قال:
" لذا فلقاؤنا اليوم، تذكير بأن نكون أقرب لبعضنا البعض، حوارًا وإصغاءً لنضيء مشاعل الثقة والأمل، ونرى الخير في أردننا العزيز."
كلمات لم تكن مجرد خطاب، بل نبض المنتدى وروحه.
ما ميّز تَواصُل أيضًا هو انفتاحه على الخبرات، إذ شارك فيه نخبة من المفكرين والخبراء وأصحاب التجارب العملية من مختلف القطاعات. أضفى هذا التنوع عمقًا معرفيًا للنقاش، وفتح أمام الشباب نوافذ جديدة لفهم الواقع، ومنحهم فرصة حقيقية لطرح الأسئلة على من هم في قلب دوائر القرار. إنها لحظة تلاقي بين الفكر والخبرة، بين من يضع السياسات ومن يعيش آثارها، في سعيٍ صادق لرسم مستقبل مشترك.
سعدتُ بالمشاركة في هذا الفضاء الوطني المفتوح، وغادرت المنتدى بطاقة جديدة، وشعور حقيقي بأن صوت الشباب في الأردن مسموع وله أثر، وأننا لم نعد مجرد مستمعين، بل شركاء حقيقيون في رسم ملامح الغد. وإن شاء الله، ستترجم هذه النقاشات إلى خطوات عملية، وتظهر نتائجها على أرض الواقع، في السياسات، والمبادرات، والمشاريع.
منتدى تَواصُل هو ببساطة دعوة لأن نكون واقعيين دون أن نفقد الحلم، وأن نكون ناقدين دون أن نفقد الأمل، وأن نعيد تعريف علاقتنا كمواطنين مع دولتنا، على قاعدة الثقة، والاحترام، والمشاركة الحقيقية.