ذواتنا العميقة .. الافكار والذكريات
د. بركات النمر العبادي
04-06-2025 10:19 AM
اوقاتكم معمورة بالطيب و الطيبات و مزينة ببهي النور و الانوار وخالص المحبة و صادق الامنيات بالخير و الخيرات و الصحة و المسرات لجميع المتابعين من الاردنيين و الاردنيات ، و الاصدقاء و الصديقات من البلدان العربية و الاجنبية .
ولسوف اقوم بالكتابة عن موضوع عميق (الذات ، الانا ، الافكار ، الذكريات) العميقة في اقبيتنا الداخلية ، حيث لا رقابة ولا اضاءه ، وذلل بعدد من الاجزاء و بصورة ميسرة ، حتى تعم الفائدة، و انتم مخيرين بالمتابعة ، وساكون حاضرا معكم في العناوين القادمة اول باول ويمكنكم التواصل معنا بواسطة عمون الاخبارية .
الجزء الاول
نحنُ ما نتذكّر...
في زاويةٍ خفيّة من عقولنا، حيث لا يصل الضوء بسهولة ، تتكوّن ملامحنا الحقيقية ، فنحن لسنا فقط أبناء ما نعيشه ، بل نحن أبناء ما نتذكّره ، وما نخاف أن نتذكّره ، وما نُخفيه حتى عن أنفسنا.
فالا فكار ليست مجرّد طيف عابر.
والذكريات؟ ليست فقط صوراً بالية في ألبوم الطفولة…
بل هي اللبنات الأولى التي شيّدت جدران النفس، وشكّلت ملامح القلب، وحدّدت طريقة ارتجاف الصوت حين نهمس بكلمة "أنا".
الذكريات لا تموت... بل تتخفّى ، نحن لا ننسى ما مضى ، بل نُخدّر أثره.
ذكرى كلمة قاسية سُمِعت في وقت هش ، قد تصبح قانونًا داخليًا نعيش وفقه ، دون أن ندري.
وابتسامة أُمّ في لحظة ألم ، قد تصنع فينا طمأنينة لا تفسير لها ، لكنها تضيء روحنا كلما اشتدّ الظلام.
نحمل ذكرياتنا كمن يحمل وطناً داخلياً ، فيه الشوارع الضيقة التي بكينا فيها أول مرة ، وفيه النوافذ التي حلمنا منها بالعالم ، وفيه الأبواب التي أوصدت في وجوهنا دون سبب.
الافكار و الذكريات العميقة التي شكلت فينا مانحن عليه الان ، الأفكار والذكريات العميقة هي مثل البذور التي تنزرع فينا منذ كنا صغار، ومع الوقت تكبر وتتشكل شخصيتنا وتصرفاتنا وحتى نظرتنا للحياة!
هناك أنواع مختلفة من الذكريات والأفكار التي تأثر فينا بشكل طافح :
1. الذكريات العاطفية
كلحظة فرح قوية أو موقف حزين.. وهذه تترك أثرار عميقة في ذوتنا ، وتدعنا نتصرف بطريقة معينة وفي مواقف متشابهة.
2. الذكريات التربوية والتجارب
منذو طفولتنا وتعليمنا في المراحل التمهيدية ، وكيف كان أهلنا يعاملوننا، وكيف عشنا التجارب الأولى.. ... كلها كانت تنحفر في اللاوعي وتبني فينا القيم والمعتقدات.
3. أفكار متكررة زرعها المجتمع أو البيئة
مثلًا: "أنت لازم تكون ناجح بأي ثمن" أو "الرجال ما يبكون" أو "الحياة صعبة دائمًا".. هذي أفكار نخزنها ونعيش وفقها بدون ما ننتبه. و السؤال هو ، كيف يمكن ان نتعامل مع هذه الذكريات والأفكار؟
• نراجع انفسنا ونسأل: هل هذه الفكرة فعلاً تخصني؟ او ورثتها من غيري؟
• نكتب ونفكر بعمق: فألكتابة تساعدنا على فك شفرة الذكريات.
• نمارس التأمل أو الوعي الذاتي (mindfulness) حتى يمكننا ملاحظة أفكارنا بدون ان نحكم عليها.
• نطلب مساعدة نفسية وقت الحاجة وهذة جانب من جوانب القوة وليس الضعف .
• هذا العالم ، النوافذ التي حلمنا منها بالعالم، وفيه الأبواب التي أوصدت في وجوهنا دون سبب.
أما الأفكار... فهي مرايا مشروخة ، وهي كل فكرة زرعها الزمن فينا، حتى تلك التي لم نختَرها، أصبحت عدسة نرى من خلالها أنفسنا والعالم.
- أفكار تربّت في حضن الخوف ، تمنعنا من الحلم.
- وأفكار نبتت من حبّ صادق ، تدفعنا لنغفر، ونحلم ، ونبدأ من جديد.
• لكن هل نحن فعلاً ما فكّرنا فيه؟
- أم نحن ما حاولنا أن نكفّ عن التفكير به ؟
- أليس التحرر من الفكرة ، أحياناً ، أعظم من امتلاكها ؟
• في لحظة صدق...،حين نغلق هواتفنا ، ونطفئ ضجيج الخارج ، وننصت لنداء داخلي بسيط:
"هل هذا أنا حقاً؟"
في تلك اللحظة تتكشّف الوجوه ، وتنكسر الأقنعة ، وتنهض الذات من بين الرماد كطائر فينيق.
هناك ، فقط هناك ، نبدأ رحلة العودة إلينا.
حمى الله الاردن وسدد على طريق الخير خطاه