facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




منتخب "الدولة"


حسن عبدالحميد الرواشدة
07-06-2025 02:32 PM

في لحظةٍ فارقة، تماهى الأردنيون مع منتخبهم الوطني كما لم يفعلوا منذ عقود. لأول مرة منذ زمن طويل، بدا أن هذه الجغرافيا الصغيرة المتعبة، قادرة على تصدير شيء آخر: الحلم.

تأهّل الأردن إلى كأس العالم لكرة القدم، لأول مرة في تاريخه، ليس حدثًا رياضيًا فحسب، بل لحظة رمزية شديدة الكثافة، تختزن بداخلها إمكانيات هائلة لمشروع سياسي واجتماعي واقتصادي، إن قرأناها بعمق واستثمرناها بذكاء.

في الرياضة، كما في السياسة، هناك لحظات لا تتكرر كثيرًا. لحظات تُصنع فيها الهوية الوطنية من مادة الاندماج، لا الانقسام، ومن وجدان الجماعة لا فئوية النخبة.

الأردن دولة أنهكتها التحديات لكن ماذا لو أن كرة القدم امتلكت القدرة على ترميم كل ذلك؟

ماذا لو أن هذا التأهّل، الذي جلب دموع الفرح إلى وجوه فقدت الدهشة، يمكن أن يكون مشروعًا لإعادة تشكيل الوعي الوطني؟

هذه ليست مبالغة. بل درسٌ علمته لنا جنوب أفريقيا قبل ثلاثين عامًا، حين حوّل نيلسون مانديلا بطولة العالم للرجبي إلى لحظة مصالحة وطنية عظيمة ، كان يعرف أن القلوب المجتمعة خلف فريق واحد، قد تكون أقوى من كل الخطب والقوانين

في بلدان العالم الأول، قد تكون الرياضة منتجًا ترفيهيًا أو مجالًا لصناعة المال لكنها في بلد كالأردن، يئن تحت وطأة الأزمات قد تتحوّل إلى مرآة نادرة تعكس إمكانية النجاح الجماعي.

فريق كرة القدم الذي تأهل إلى المونديال لم ينجح بالحظ، بل بالتخطيط، الانضباط، الإيمان، وتضافر الجهود فلماذا لا تكون هذه القيم هي أساس السياسة العامة؟ لماذا لا تُبنى استراتيجية الدولة كما تُبنى الفرق الكبرى على الرؤية، والتدريب، والثقة المتبادلة؟

تأهّل النشامى إلى المونديال ليس حدثًا عابرًا إنه نقطة انعطاف محتملة في علاقة الأردني بدولته.

لحظة تفيض بما هو أكبر من فرحة… لحظة تقول: “نحن نستطيع”

هذا الإنجاز يجب ألّا يُستثمر كشعارات عاطفية في منشورات رسمية أو خطب ومناسبات. بل أن يُترجم إلى مشروع عمل وطني يرسخ مفهوم الوطنية كمنظومة قيم لا كإرث مفروض ويطلق حوارات شعبية على مستوى المحافظات تحت شعار كيف نعيد بناء الفريق الوطني… للدولة؟ كما اعدنا بناء المنتخب واخيرا تقوية العلاقة مع الجيل الشاب بلغة يفهمها ويؤمن بها، بدلًا من تجاهله أو شيطنته.

في الاقتصاد ، تطوير البنية التحتية الرياضية كقطاع استثماري: ملاعب، أكاديميات، سياحة رياضية وتشجيع الشركات الكبرى على رعاية المواهب الرياضية المحلية، كما ترعى الصناعات الكبرى وإنشاء صناديق وطنية لدعم الرياضات الشعبية كوسيلة للتمكين المجتمعي وكذلك إدماج الرياضة في مشاريع التنمية المحلية في القرى في المخيمات وفي الأحياء الشعبية.

العالم الآن ينظر إلينا، لا عبر تقارير البنك الدولي، ولا عبر عناوين “الأزمة الاقتصادية”، بل عبر شغف الملاعب، وضوء الشاشة، وأقدام النشامى.

كرة القدم منحتنا ما عجزت عنه لجان الإصلاح في لحظة صدق جماعية.

لكن هل نكتفي بتأهّل المنتخب ونعود إلى الانقسام والرتابة؟ أم نستثمر هذه اللحظة لتأهيل منتخب وطني آخر: الدولة نفسها؟

في المونديال، سيشاهد العالم النشامى غير أن ما نحتاجه أكثر، هو أن يشاهد الأردني نفسه من جديد… بقلب مرفوع، وعين لا تخشى الحلم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :