عيدُ الجلوس الملكي السادس والعشرون… مسيرةُ وطنٍ وقائد
لواء متقاعد محمد بني فارس
09-06-2025 05:39 PM
في التاسع من حزيران، يحتفي الأردنيون بعيد الجلوس الملكي السادس والعشرين، مستذكرين بإجلال واعتزاز لحظةً مفصليةً في تاريخ الوطن، حين اعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عرش المملكة، حاملاً الأمانة بثبات، ومواصلًا مسيرة الهاشميين المظفّرة بالحكمة والعدل والتضحية.
ستةٌ وعشرون عامًا مضت على بيعة الوفاء، كانت مليئة بالعطاء والبناء. أعوامٌ تجسدت فيها معاني القيادة الرشيدة، فشهد الوطن خلالها نهضة شاملة، في مساراتٍ متعددة، أبرزها الإصلاح السياسي، الذي أرسى دعائمه جلالة الملك بحكمةٍ وبعد نظر، انطلاقًا من إيمانه الراسخ بأهمية المشاركة الشعبية والحياة البرلمانية، وصولًا إلى مخرجات التحديث السياسي، التي أرادها جلالته خارطة طريق لمستقبل ديمقراطي أكثر رسوخًا، تتسع للجميع، وترسّخ مبدأ سيادة القانون والمؤسسات.
وفي الميدان الاقتصادي، واجه الأردن تحدياتٍ صعبة بإرادةٍ لا تلين، فكان التوجيه الملكي الدائم نحو تعزيز بيئة الاستثمار، وتحفيز المشاريع الإنتاجية، وتمكين الشباب والمرأة، والعمل على بناء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة، رغم الأزمات الإقليمية والعالمية التي ألقت بظلالها على المنطقة بأسرها. وكان التوازن بين الحماية الاجتماعية والتحفيز الاقتصادي عنوانًا رئيسًا في الرؤية الملكية للمستقبل.
ولم تغب المؤسسة العسكرية والأمنية يومًا عن اهتمام جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أولى “الجيش العربي” والأجهزة الأمنية كلَّ الرعاية والدعم، تعزيزًا لقدراتها، وتقديرًا لدورها الوطني في صون الأمن والاستقرار. فكان القائد بين رفاق السلاح، يسمع لهم، ويفتخر بهم، ويُكرّس معاني الفداء والولاء في نفوس النشامى، حارسًا لإرث الشجاعة، ومُلهِمًا لمعاني الانضباط والتفاني.
أما على صعيد القضايا القومية، فقد ظلّ جلالة الملك صوتًا عاليًا للحق، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، التي حملها في قلبه وعلى كتفه، مدافعًا عنها في كل محفل، ومؤكّدًا أن لا سلام عادلًا في المنطقة دون إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية. وما تزال الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، أمانةً تاريخية يتحمّلها جلالته بكل شرف وإيمان، دفاعًا عن الهوية، وحفاظًا على الإرث العربي والإسلامي في أقدس البقاع.
لقد مضى جلالة الملك قائدًا صلبًا في مواجهة التحديات الكبرى؛ من ظروف اللجوء المتكررة إلى محيطٍ ملتهب، ومن جائحةٍ أربكت العالم إلى ضغوطاتٍ اقتصادية قاسية، لكنه بقي على العهد، سندًا لشعبه، ومدافعًا عن ثوابت أمته، وصوتًا عاقلًا في المحافل الدولية، يرفع اسم الأردن عاليًا بصدق الموقف وشرف الرسالة، ويثبت أن الحكمة الهاشمية لا تعرف المساومة على القيم.
اللهم احفظ جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ووفقه لما فيه خير البلاد والعباد، وأمدّه بوافر الصحة والعافية، وأيّده بنصرٍ من عندك، وأقرّ عينه بولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين، واجعل أيامه عامرةً بالإنجاز، وسنوات حكمه بركةً على الأردن وأهله.
وكلّ عامٍ وجلالة الملك بخيرٍ وصحةٍ وسعادة، والأردن في ظلّ قيادته… أغلى وأبهى.